الحياة في كندا

الكنديون يهاجرون بأعداد كبيرة من المدن الكبيرة.. لكن خبراء العمل والتوظيف يحذرون

العديد من الأسر الكندية كانت تفكر في الانتقال من المدن الكبيرة للإقامة في الضواحي والمدن الصغيرة لعدد من السنوات، حيث تتميز بوجود المنازل الكبيرة بأسعار مناسبة.

صوفي تشين، 36 عامًا، وزوجها كانا من ضمن تلك الأسر التي راودتها الفكرة لسنوات، ولكنهما لم يتخذا هذا القرار إلا بعد انتشار جائحة COVID-19.

كانت تشين ، وهي وكيلة عقارات ، حاملا في طفلها الثاني ومتحمسة للعثور على منزل أكبر.

وقد كانت مترددة في البداية في مغادرة منزلهم القديم في تورونتو عندما تجمد سوق الإسكان في مارس بسبب الإغلاق الذي فرضته الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.

ولكن تشين كانت تمتلك خبرة سابقة في العمل كمحللة مالية ، ولذلك بدأت في تحليل بيانات السوق من أبريل ومايو ، وأدركت أن النشاط سوف يعود لهذا السوق سريعا.

ولهذا قررت أن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ القرار.

حيث أنه قبل الإغلاق كان سوق العقارات يشهد رواجا كبيرا في شهري يناير وفبراير 2020.

وبالفعل في شهر مايو استغلت تشين الظروف التي فرضتها إجراءات الإغلاق وانتقلت مع أسرتها للإقامة في منزل في حي أورورا، على بعد 50 كيلومترا بالسيارة شمال تورنتو.

وقد تمكنت الأسرة بذلك من الحصول على منزل مساحته 4500 قدم مربع مع أربع غرف نوم وأربعة حمامات ومبنى كامل وقبو، وذلك بدلا من منزلهم الصغير القديم.

الهجرة من تورنتو

ولم تكن أسرة تشين هي الأسرة الوحيدة التي قامت بذلك، حيث في الأشهر التالية اتخذ العشرات من سكان المناطق الحضرية الذين كانوا يعملون من منازلهم نفس القرار بالفرار من المدن الكبرى والانتقال إلى مدن صغيرة، أو إلى بعض الضواحي الريفية في نفس المقاطعة أو في مقاطعات أخرى.

وبالفعل أظهرت بيانات هيئة الإحصاء الكندية أنه بين بداية يوليو 2019 وبداية يوليو 2020 ، وهي الفترة التي تضم الأشهر الأولى من حالة طوارئ فيروس كورونا ، شهدت تورنتو وحدها مغادرة 50375 شخصا إلى مناطق ومدن أخرى أصغر في مقاطعة أونتاريو.

الهجرة من مونتريال

كذلك شهدت مونتريال هجرة مماثلة لبعض سكانها الذين بلغ تعدادهم 24880 شخصا.

وذلك كان أكثر من الهجرة العكسية التي كانت دائما من أهم أسباب النمو السكاني في هاتين المدينتين، بالإضافة إلى الهجرة الدولية.

الهجرة إلى هاليفاكس

كذلك تشير البيانات إلى أن مدينة مثل هاليفاكس شهدت تدفقا من السكان الجدد، حيث بلغ عددهم 1584 شخصا مهاجرا إليها من المقاطعات الأخرى.

مشكلة مع الشركات وأرباب العمل

ولقد أثارت هذه الأرقام مشكلة في قطاع الأعمال في المدن الكبرى، حيث تؤكد الأدلة أن العديد من هؤلاء الأشخاص لم يرتبوا هذا الانتقال مع أصحاب أعمالهم اعتمادا منهم على أنهم يعملون من المنزل فقط.

وهنا بدأت مشكلة كبرى في الظهور أمام أصحاب الأعمال الذين كانوا يرتبون بالفعل إلى العودة إلى العمل الطبيعي بعد الجائحة.

وهي المشكلة التي لا تزال قائمة ، حتى مع تأكيد العديد من الخبراء مثل أليسون فينديتي “المدرب المهني وخبير في الموارد البشرية” بأن العودة إلى العمل الطبيعي لن تكون بنسبة 100 %.

وكذلك تقول جولي لابري ، رئيسة BlueSky Personnel Solutions ، وهي شركة توظيف ثنائية اللغة:

“إن عدم التوافق بين آمال الموظفين وتوقعات أصحاب العمل هي أكبر مشكلة نواجهها الآن”

“حيث يتوقع العديد من أرباب العمل بأن يعود الموظفون إلى مكاتبهم بدوام كامل بعد نهاية الوباء”

ولكن في المقابل ، فإن العديد من الموظفين قد تجاوزوا هذا الأمر عن قصد أو عن غير قصد ، حيث توقعوا أن تستمر ترتيبات العمل من المنزل إلى الأبد.

ولكن كما يؤكد الخبراء ، فإنه يحق لأصحاب العمل مطالبة الموظفين بالعودة إلى مكاتبهم بمجرد أن تسمح الظروف بذلك.

ولذلك فهم ينصحون الجميع بالبدء في التحدث مع صاحب العمل من أجل ترتيب مسألة الانتقال في أسرع وقت ، إذا لم يكن هذا الأمر قد تم بالفعل.

ويقول أليسون فينديتي أيضا: “إنه سيكون من المفيد إعطاء أسباب منطقية للرغبة في الانتقال ، وذلك مثل مرافقة الوالدين المسنين والتي قد يعتبرها صاحب العمل شكلا من أشكال الإقامة العائلية”

ولكنه يعود للتذكير أيضا بأنه حتى في حالة الحصول على الموافقة ورضا صاحب العمل عن عملك عن بعد لفترة طويلة ، فسوف يكون على الموظف بذل جهد إضافي للحفاظ على تواصله مع مديره وزملائه في العمل.

حيث أن العمل من المنزل في الوقت الذي يعمل فيه بقية الزملاء في مقر الشركة سوف يفقد الموظف العديد من الفعاليات الاجتماعية المهمة وروابط الاتصال التي تساعد على تنمية حياته المهنية.

ولذلك فسوف يكون عليه البحث عن طرق إضافية من أجل الحفاظ على شبكات اتصاله المهنية في نطاق مؤسسته أو مجال عمله بشكل عام.

ويقول فينديتي إن العاملين المستقلين أو العاملين لحسابهم الخاص الذين انتقلوا إلى مجتمعات أصغر أو مدن بعيدة سوف يكون عليهم أيضا بذل المزيد من الجهد للحفاظ على شبكاتهم وتنميتها عن بُعد.

وهو يوصي بأن يخصص هؤلاء الأشخاص 15 في المائة من وقتهم للتواصل مع العملاء السابقين والحاليين من أجل ضمان استمرارهم في محل اهتمامهم.

يقول فينديتي: “حتى إذا كنت تعيش في مزرعة ، فسوف تكون بحاجة إلى إجراء المزيد من مكالمات Zoom مع بذل جهد إضافي للبقاء على اتصال”.

تخفيض رواتب العاملين

كذلك يؤكد فنديتي بأنه على الرغم من أن الوباء أوجد العديد من فرص العمل عن بعد بشكل كامل أو جزئي ، إلا أن الابتعاد عن المدن الكبرى قد يكون له آثاره الجانبية بتقليل الأرباح في العديد من المجالات.

حيث أن العديد من الباحثين عن عمل قد يتم رفضهم من قبل بعض الشركات التي لا تقبل العمل عن بعد.

وحتى عندما يسمح أرباب العمل بالعمل بدوام كامل من المنزل ، فإنهم قد يخفضون رواتب العاملين المقيمين في بعض المدن أو الضواحي منخفضة التكلفة.

وبالفعل وجدت دراسة استقصائية واسعة لشركات أمريكا الشمالية أجرتها Willis Towers Watson ، على سبيل المثال ، أن 20 في المائة من أصحاب العمل يأخذون في الاعتبار المواقع الجغرافية للموظفين عند تحديد مستويات الأجور.

لذلك إذا كنت تفكر في الانتقال من المدينة ، فيجب عليك مناقشة كافة الإيجابيات والسلبيات مع مخطط مالي محترف.

ويقول فينديتي أيضا: “ربما سوف يسمح لك بيع منزلك في وسط المدينة بالعيش بدون قروض عقارية مع قدرتك على العمل بدوام جزئي أو العمل لحسابك الخاص.

ولكن في المقابل سوف تفقد أيضا العديد من المزايا الصحية والمعاشات التقاعدية. ولهذا يجب أن تنظر إلى الصورة كاملة قبل اتخاذ قرارك”.

اقرأ أيضا: كيف تستعد من أجل التقاعد في كندا ؟ .. نصائح لزيادة مدخراتك

ولكن على الرغم من ذلك فإن صوفي تشين تعلن بأنها ليست قلقة بشأن ترتيبات عملها في مرحلة ما بعد الجائحة.

حيث ترتبط وظيفة زوجها في التسويق بمكتب في وسط مدينة تورونتو ، وبذلك سوف يكون عليه الذهاب إلى هناك لبضعة أيام في الأسبوع بعد انتهاء إجازة الوالدين بعد ولادة الطفل الثاني لهما.

وقالت تشين إنها قررت اختيار حي أورورا لأنها تعتقد أن سوق الإسكان في هذا الحي سوف يشهد طفرة قوية ، والتي سوف تفيدها في مجال عملها بالإضافة إلى ارتفاع قيمة ممتلكاتهم الجديدة.

بالإضافة إلى ذلك ، قررت تشين توفير بعض النفقات بعدم حاجتها لاستئجار مكتب لإدارة أعمالها نظرا لوجود المزيد من الغرف في المنزل الجديد والتي يمكن استخدامها لتأدية هذا الغرض.

اقرأ أيضا : اسعار البيوت في كندا .. تعرف على متوسط أسعار المنازل في المقاطعات والمدن الكبرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!