صحة

بعد زيادة عدد المصابين بمرض جدري القرود.. هذا ما نعرفه عنه وكيف ينتشر.. وطرق العلاج

سجلت مؤخرًا في عدد من الدول مثل كندا والولايات المتحدة وإسبانيا والبرتغال والمملكة المتحدة تزايد في أعداد الإصابات بمرض جدري القردة بشكل غير عادي.

ويعود القلق من انتشار مثل هكذا حالات أن المرض نادر نسبياً، إضافة لعدم وجود أي صلات بين غالبية الإصابات.

وهذا ما يثير المخاوف من انتشار المرض في المجتمعات ووجود حالات غير مكتشفة بعد.

ونظرًا للطبيعة غير المتوقعة للانتشار الحالي لمرض جدري القرود؛ يبحث العاملون في مجال الصحة في تلك البلدان عن احتمالات وجود أي تغييرات في طبيعة المرض عما هو معروف مسبقًا حوله من معلومات. بما في ذلك فترة الحضانة وطريقة العدوى.

وبافتراض أن الفيروس المسبب لمرض جدري القرود يسلك حاليًا ذات السلوك المعروف عنه سابقًا. إليك ما يتوافر عنه من معلومات وفقًا لوزارة الصحة الكندية، والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، ومقابلة مع الدكتورة “ليزا باريت” أخصائية الأمراض المعدية والأستاذة المساعدة في كلية الطب بجامعة دالهوزي.

ما هو مرض جدري القرود

جدري القرود MonkeyPox هو مرض نادر اكتشف لأول مرة عام 1958، ويسببه فيروس ينتمي إلى نفس عائلة الفيروس المسبب لمرض الجدري.

كان أول اكتشاف للمرض في مستعمرات القرود الخاصة بإجراء التجارب والأبحاث. بينما سجلت أول حالة انتقال للمرض إلى البشر في عام 1970 وتحديدًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ حيث أصيب به طفل صغير بالرغم من مرور عامين على القضاء على مرض الجدري في الكونغو بشكل نهائي.

تركزت الحالات المسجلة للمرض بشكل أساسي في دول وسط وغرب إفريقيا، ثم ما لبث أن ظهرت في الولايات المتحدة أول حالة منه عام 2003.

أشارت الأبحاث أن ظهور جدري القرود كان بسبب الاحتكاك مع كلاب أليفة انتقلت لها العدوى نتيجة لقربها من حيوانات مستوردة من غانا.

ومع ذلك لا تزال الحالات المسجلة للمرض خارج إفريقيا نادرة للغاية، وتعود إما لمسافرين بين الدول أو لاستيراد حيوانات مصابة به.

لا يزال المستودع الطبيعي أو الناقل الأساسي للفيروس المسبب لجدري القرود غير معروف حتى الآن.

فقد تم عزل الفيروس من حيوان بري مرتين فقط؛ الأولى في بعض القوارض الإفريقية عام 1985، والثانية في رئيسات غير بشرية عام 2012.

ومع ذلك يسود اعتقاد أن الفيروس يحدث بشكل طبيعي في الأدغال الاستوائية حول غرب ووسط أفريقيا.

ما الذي يجعل آخر تفشي غير عادي؟

أكدت الدكتورة ليزا باريت أن فيروس جدري القرود وعلى مر السنين استطاع الانتقال من الحيوانات إلى البشر، مع انتقال المرض إلى الدائرة الصغيرة من المحيطين بالمصاب، بالتالي بقي تفشي المرض محدود وأتاح احتواء الحالات المسجلة بشكل عادي؛ لكن ما يحدث الآن أمر غير عادي.

وصرحت باريت لشبكة CTVNews.ca قائلة: الأمر مختلف تمامًا…. أماكن متعددة ومناطق متعددة من العالم، والمزيد من الحالات المسجلة، في حين يبدو نمط الاتصال في مناطق محددة من هذا التفشي مختلفًا تمامًا”.

“من غير المألوف انتشار المرض وتسجيل هذا العدد الكبير من الإصابات خارج منطقة جغرافية محددة في الوقت ذاته، وتكون تلك الإصابات في أوقات متقاربة للغاية”.

أكدت منظمة الصحة العالمية أنه لم يتم تأكيد أي مصدر للعدوى، وأنه وفقًا للمعلومات المتوفرة حاليًا يبدو أن حالات العدوى المسجلة في المملكة المتحدة ظهرت محليًا.

اقرأ أيضا: باحثون يطورون تطبيقا يمكنه فحص الأشخاص بحثا عن مرض الزهايمر وADHD

احتمالية العدوى وطرق انتقالها

ينتقل الفيروس المسبب لجدري القرود عن طريق الاحتكاك مع حيوان أو إنسان أو مادة ملوثة تحمل الفيروس.

كما يعتقد أن العدوى تحدث بين البشر من خلال انتقال قطرات تنفسية كبيرة من الشخص المصاب إلى شخص آخر قريب جدًا منه، كونها لا تنتقل إلى مسافات بعيدة وتحتاج للتواصل مع المصاب بشكل قريب جدًا.

يمكن أيضا أن تتم العدوى بانتقال الفيروس من الحيوان عن طريق اللدغات أو الخدوش أو ملامسة دم الحيوان أو سوائل جسمه.

في كلا الحالتين، تصبح العدوى محتملة الحدوث عن طريق ملامسة سوائل الجسم  أو الملابس أو الفراش بشكل مباشر.

ويمكن أن يشكل الجلد المتشقق والسحجات المجهرية والأغشية المخاطية والعيون أماكن يصل الفيروس إلى الجسم عن طريقها.

تمامًا كما هو فيروس كوفيد 19، يمكن أن يدخل فيروس جدري القرود عن طريق الجهاز التتفسي.

أشارت الحالات المسجلة منذ ظهور المرض لأول مرة، أن الأطفال دون سن ال 16 عامًا معرضون بشكل أكبر لتلقي العدوى، مع احتمالية إصابة أي شخص بغض النظر عن عمره.

وفقًا لوزارة الصحة الكندية بلغت سابقًا أطول سلسلة موثقة للعدوى أربعة أجيال من الانتقال من شخص إلى شخص آخر، مما يشير إلى إمكانية انتشار الوباء بشكل محدود.

وقالت الدكتورة باريت بأنه من السابق لأوانه اكتشاف ما إذا حدث أي تطور على طرق الانتقال المعروفة للفيروس خلال التفشي الحالي. كما نوهت إلى اختلاف الفيروس في كل حالة من الحالات السابقة لتفشي الفيروس.

وقالت أيضا: “هل من الممكن أن تختلف هذه النسخة قليلًا بعد 20 عامًا على ظهور المرض؟ بالطبع يمكن ذلك”.

من غير الواضح حتى الآن مدى أهمية ذلك مقابل أن يكون ما يحدث تغييرًا اجتماعيًا أو اختلافًا في طريقة انتقال العدوى. لذلك هناك مجموعة من العوامل المتعلقة بالفيروس وأخرى بالأشخاص التي قد تكون مختلفة في هذه الحالة”.

ووفقًا لما ذكره المسؤولون في قطاع الصحة، فقد تم اكتشاف عدد من حالات جدري القرود لدى رجال يصنفون ضمن المجتمع المعروف ب LGBTQ2S +، لكنهم أبدوا حذرًا كبيرًا عند إطلاق مثل هذه الاستنتاجات.

فقد سجلت بعض الحالات خلال التفشي الحالي نتيجة التواصل القريب جدًا مع المصابين، دون أن يكون للناحية الجنسية أي ارتباط.

قالت الدكتورة باريت: “من المهم الآن أن يعلم الناس أن الطريقة التي ينتشر بها مرض جدري القرود هي ملامسة سوائل الجسم كالرذاذ الناتج عن التنفس أو اللعاب أو بعض السوائل التي تخرج من البثور عند انفجارها”.

“يمكن الامتناع عن ممارسة الجنس تمامًا، لكن تبقى احتمالات إصابتك بالعدوى قائمة…. إذ يمكن أن تشمل فكرة الاتصال القريب كمسبب للعدوى ممارسة الجنس أيضا”.

قال الدكتور مايكل سكينر عالم الفيروسات بقسم الأمراض المعدية في الكلية الملكية في لندن، من خلال مقال نشره على موقع الويب الخاص بالجامعة، أنه من السابق لأوانه الوصول إلى استنتاجات تعتبر ممارسة الجنس طريقة لانتقال عدوى جدري القرود”.

وقال أيضا: “جرت العادة أن يتم استبعاد الأسباب المحتملة الأخرى ونفيها تمامًا، قبل اعتبار ممارسة الجنس إحدى طرق انتقال العدوى”. مشيرًا إلى أنه قد شاهد مرض جدري القرود عند هذه الفئة من المجتمع للمرة الأولى.

“بغض النظر عن طريقة الانتقال، والتوجه الجنسي للشخص، تفترض الممارسة الجنسية اتصالًا جسديًا حميمًا، تزداد معه احتمالات انتقال العدوى”.

اقرأ أيضا: تعرّف على “شرى البرد”..مرض يصيب 30 ألف كندياً سنوياً

ما هي فترة الحضانة وكم تدوم؟

عادة ما تمتد فترة الحضانة بين 7 إلى 17 يومًا، من تاريخ الإصابة حتى ظهور الأعراض، في حين استغرقت في بعض الحالات 5 أيام فقط وحوالي 21 يوم في حالات أخرى.

وتستمر العدوى بمرض جدري القرود فترة تمتد من أسبوعين إلى أربعة أسابيع.

مثلها مثل فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، قد ينتقل الفيروس المسبب لجدري القرود عندما يصاب الشخص بالحمى. كما تتواحد الفيروسات أيضا في السائل الموجود في البثور التي تظهر على المريض.

قالت الدكتورة باريت “حالما تنفجر تلك البثور تصبح معدية وتزيد من احتمالية انتقال العدوى، إلى أن تختفي القشور النهائية وتلتئم بشكل كامل. لذلك ينصح بتغطيتها بشكل دائم”.

ما هي علامات وأعراض جدري القرود؟

تتشابه أعراض جدري القرود مع أعراض الجدري العادي.

إذ تشمل العلامات الأولى الحمى والصداع وآلام العضلات وآلام الظهر والقشعريرة والإرهاق.

فيما قد يعاني مريض جدري القرود من تضخم الغدد الليمفاوية.

بعد حدوث الحمى بيوم إلى 3 أيام يبدأ مرض الجدري، ويتجلى في البداية بظهور الطفح الجلدي في الوجه ثم ينتشر إلى بقية أنحاء الجسم.

يكون الطفح في البداية بشكل بقع على الجلد ذات لون مختلف، ثم يتطور إلى نتوءات بارزة يصل حجمها إلى حوالي سنتيمتر واحد.

تمتلئ النتوءات بالسوائل التي تعرف باسم القيح، ثم تتحول بعدها إلى قشور وتسقط بشكل تلقائي.

تظهر الإصابة في الغالب في المنطقة المحيطة بجذع الجسم، مع احتمالية امتدادها إلى راحة اليدين وباطن القدمين، وقد تصل إلى الفم واللسان والأعضاء التناسلية أيضا.

رغم كل ذلك قد يصاب المرء بحدري القرود ويشفى منه دون أن يعلم ذلك.

في حال كان التفشي الحالي للمرض مشابه تمامًا للحالات السابقة، لن يعاني المصاب بأي آلام أو حكة شديدة، بالرغم من ترجيح منظمة الصحة العالمية لحدوث حكة مؤلمة في بعض الحالات الشديدة.

اقرأ أيضا: الغارديان: مرض عصبي محيّر يؤثر على الشباب في إحدى المقاطعات الكندية

كيفية الحد من انتشار المرض؟

قالت الدكتورة باريت أنه يمكن تجنب انتقال العدوى بمرض جدري القرود من خلال الابتعاد عن الأجسام والحيوانات الحاملة للفيروس، والحيوانات المريضة الموجودة في أماكن انتشار المرض. لذلك يجب الانتباه في حال السفر إلى مناطق ينتشر فيها المرض.

“وفق المعطيات الحالية، لا يوجد أي مبررات لاتخاذ تدابير تحد من حياة السكان”.

كما تساعد إجراءات مثل غسل اليدين بالصابون واستخدام معقم اليدين، وارتداء معدات الحماية عند رعاية شخص مصاب في الحد من انتشار العدوى.

ولأن المصابين بالفيروس سيكونون ناقلين للعدوى خلال مراحل المرض المختلفة، من الأفضل عزلهم عمن يحيط بهم.

وتدعو الدكتورة باريت إلى ضرورة الإبلاغ عن أي حالة مشتبه بها، ليحصل الشخص على المساعدة والدعم، ويساعد في الخد من انتشار جدري القرود.

هل يوجد علاج أم لقاح؟

حتى الآن لا يوجد علاج مؤكد لعدوى فيروس جدري القرود وفق ما أكدته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

إلا أنه يمكن الاعتماد على اللقاح المخصص للجدري لاكتساب حماية من الإصابة بجدري القرود بنسبة تزيد عن 85%.

بالنسبة للسكان في كندا والولايات المتحدة تم إيقاف عمليات التلقيح الروتيني ضد مرض الجدري عام 1972 بعد أن قضى عليه بشكل كامل.

يمكن للقاح الخاص بالجدري أن يقي من مرض جدري القرود في غضون 4 إلى 14 يوم بعد الاتصال الأولي مع أحد المصابين.

وفي عام 2019 منحت الموافقة على استخدام لقاح جديد لجدري القرود لكن بكميات محدودة. كما أكدت منظمة الصحة العالمية أن العامل المضاد للفيروسات المعروف باسم tecovirimat الذي تم تطويره بشكل خاص للجدري، منحته الجمعية الطبية الأوروبية ترخيصًا للاستخدام ضد جدري القرود عام 2022، إلا أنه ليس متاحًا على نطاق واسع حتى الآن.

يموت في إفريقيا حوالي 1 إلى 10% من المصابين بجدري القرود غالبيتهم من الأطفال. حيث ظهرت نسخة من الفيروس غرب إفريقيا ونسخة في حوض الكونغو والتي صنفت الأشد عدوى مسببة أعلى معدل وفيات.

حسب منظمة الصحة العالمية بلغت نسبة الوفيات بين إصابات جدري القرود في الآونة الأخيرة بين 3 إلى 6%. في حين تعتبر الحالات المشتبه فيها في مونتريال وحالات أخرى في مناطق مختلفة من الحالات العادية.

المصدر: هنا

اقرأ أيضا: صُنع في كندا: اختبار جديد يسمح بالكشف المبكر عن مرض الزهايمر

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!