هجرة ولجوء

حياة هذه الأسرة مهددة مع اقتراب موعد ترحيلها من كندا

فر الزوجان وأطفالهما من المكسيك عام 2018 على إثر مقتل أحد أفراد العائلة بالرصاص.

حيث تم إخلاء الشقة في الطابق السفلي لأحد الأبنية الواقعة في وسط إدمونتون، والتي لجأ إليها لويس أوباندو نولاسكو مع عائلته في محاولة لبدء حياة جديدة.

لم تمنح الحكومة الفيدرالية هذه العائلة التي انتقلت إلى كندا في عام 2018 صفة اللجوء بالرغم من تعرض أحد أفرادها للقتل وفرارها من تهديدات مماثلة.

حيث من المقرر أن يتم ترحيل نولاسكو وزوجته سينثيا كاراسكو كامبوس مع ابنتيهما الصغيرتين إلى المكسيك يوم الإثنين.

واستعدادًا لهذا اليوم اضطرت العائلة إلى بيع معظم الأثاث. ففي غرفة المعيشة وضعت التلفاز على الأرض وبعض الوسائد للجلوس. في حين بقيت بعض الأعمال الفنية والرسومات المخصصة للأطفال معلقة على الجدار الموجود بجانب الأريكة.

مع اقتراب نهاية العام الدراسي الحالي للفتاتين، واستمتاعهما بكثير من الحفلات والرحلات التي تنظمها المدرسة الابتدائية، يحاول الوالدان إلغاء قرار الترحيل إلى المكسيك أو تأخيره على أقل تقدير.

حيث حاول الأب أوباندو نولاسكو إقناع السلطات الكندية بإعادته في البداية بمفرده.

وخلال مقابلة مع قناة CBC News الأسبوع الماضي قال نولاسكو: “إن كان بإمكان عائلتي البقاء لوحدها، فسأعود بمفردي”. “سأضحي بنفسي، إن كان على أحد ما التعرض للقتل، فيمكنني العودة لأكون ذلك الشخص”.

تحدث الأب والدموع تنهمر من عينيه في محاولة للتعبير عن المخاوف التي تعتريه حول مصير أطفاله في حال عودتهم إلى المكسيك، وعثور الأشخاص عليه الذين قتلوا شقيقه على حد قوله وما زالوا يبحثون عنه.

قال أوباندو نولاسكو: “سيأخذون ابنتيّ مني ويقطعون أطرافهما أمام ناظري”. “هذا شيء لا أريده أن يحدث”.

وعن تفاصيل الحادثة، يقول أوباندو نولاسكو أنه في 5 يونيو 2018 اتصل به شقيقه خوسيه أوباندو ألفاريز وأخبره عن تلقيه اتصالات من أحد الأشخاص طالبًا منه مبالغ من المال.

حيث اعتقد أوباندو نولاسكو أن السبب وراء هذه الحادثة هي مجموعة من الصور التي نشرها شقيقه على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر من خلالها وكأنه شخص ميسور الحال.

وقال أيضا أن شقيقه سخر من تلك التهديدات وتعامل مع أولئك الأشخاص بمنتهى الإهمال. لكنه وبعد يومين أي في 7 يونيو 2018، تعرض أوباندو ألفاريز لعدة طلقات نارية أودت بحياته، حيث فتحت الشرطة تحقيقًا حول الحادثة لكنها بقيت دون أي حل.

وتشير الوثائق المقدمك إلى أن أوباندو نولاسكو قدم دليلًا على تعرضه للتهديد من شخص مجهول أثناء الجنازة، حيث جاء ذلك الشخص من ورائه وضغط بشيء ما على ظهره متوعدًا إياه بالموت إن لم يسلمه النقود. لم يستطع التعرف على ذلك الشخص، لتبدأ رسائل ومكالمات التهديد بالورود إلى هاتفه من ذات الشخص مطالبًا إياه بالأموال.

بغض النظر عن هوية الشخص الذي يرسل التهديدات إلى أوباندو نولاسكو، يبدو أنه يعلم الكثير عن زوجته كاراسكو كامبوس وابنتيه، إذ يعلم إلى أي مدرسة كانتا تذهبان.

اضطرت العائلة للهروب والاختباء في المكسيك لفترة من الزمن، قبل أن تتجه إلى كندا على متن رحلة مباشرة في 11 يوليو 2018. حيث تم معاملتهم كلاجئين بمجرد وصولهم إلى فانكوفر.

بالعودة إلى الأرجنتين لم تقدم الشرطة على أي إجراء يتعلق بمقتل شقيقه، بل رفضوا الإدلاء بأي معلومة لكل من اتصل من أقارب القتيل وأصدقه في محاولة لمعرفة ما توصل الشرطة إليه من معلومات.

ليس ذلك فقط بل تلقى أحد أقارب أوباندو نولاسكو تهديدات أيضا، إن لم يخبرهم عن مكانه. حيث اطلعت قناة CBC News على نسخ مترجمة من رسائل التهديد، والتي تم إرفاقها بطلب اللجوء الذي تقدمت به العائلة إلى السلطات الكندية.

استطاعت هذه الأسرة الاستقرار في إدمونتون في محاولة لتأسيس حياة جديدة وفق ما هو متاح.

كما لتحقت الفتاتين في إحدى المدارس، وحصل الولادان على تصاريح عمل مؤقتة بعد الانتظار لمدة ستة أشهر، تلاها حصولهما على عمل.

حيث كان عليهما تجديد التصاريح كل عام، وها هما لا يزالان في عملهما حتى قبل أيام قليلة من تنفيذ قرار الترحيل.

رفض صفة اللاجئ

وفي 15 سبتمبر 2019 استمعت لجنة مكونة من ثلاثة أعضاء تابعة للقسم الفيدرالي لحماية اللاجئين إلى مزاعم الأسرة التي طالبت بمنحها الحماية بصفة لاجئ. حيث اعتبرت اللجنة أن التهديدات التي تتلقاها الأسرة صحيحة، لكن كان بإمكانها اللجوء إلى أي منطقة أخرى في المكسيك وفق ما اعتبرته ضمن بند IFA أي وجود مكان بديل داخل البلد.

واقترحت اللجنة المعروفة أيضا مكانًا محددًا في المكسيك أكثر أمانًا على العائلة حيث يمكن للوالدين العثور فيه على عمل.

فكان رد أوباندو نولاسكو بأنه وفق الأنظمة المتبعة في المكسيك، يمكن لأي شخص كان الاطلاع على قوائم الطلاب في كل مدرسة، وهذا ما سيسهل الأمر على أي مجموعة إجرامية اكتشاف مكان وجوده وأسرته.

لكن كان رد اللجنة أن هذا الاعتقاد بإمكانية الوصول إلى مكان الأسرة أمر قائم على الاحتمالات، كما أن مبلغ المال الذي تطلبه العصابة غير معروف، لذلك يبدو أن الدافع الوحيد هو مديونية شقيق أوباندو نولاسكو لتلك العصابة بمبلغ من المال.

لم تكتف الأسرة بذلك بل استأنفت القرار، إلا أن النتيجة هي نفسها ليتم تأييد قرار اللجنة في فبراير 2020.

حيث قال عضو المحكمة الذي رفض الاستئناف المقدم من العائلة: “في حال استطاع المدعي إيجاد مكان آمن داخل بلده، لا يحق له الحصول على حماية بديلة في كندا”.

وكان رد العائلة خلال الاستئناف أنه من المستحيل لهم أنه يحددوا دوافع الأشخاص الذي يرسلون التهديدات إن لم يعلموا من هم.

وافق العضو الذي استمع إلى الاستئناف على ما قدمته الأسرة من حجج، لكنه رأى وفقًا للقانون في كندا، بوجوب تقديم العائلة إثباتات بأن IFA لا يشكل خيارًا آمنًا لهم، وهذا ما لم تستطع إثباته.

حاولت الأسرة مجددًا إجراء مراجعة قضائية لقرار الاستئناف عن طريق محاميهم، لكنه قوبل بالرفض في سبتمبر / أيلول الماضي.

وكمحاولة أخيرة تقدمت الأسرة في أبريل بطلب للحصول على إجازة إنسانية وعائلية، على أن تلتزم بالعودة إلى المكسيك عند انتهائها. وهذا ما قد يستغرق وقتًا طويلًا لمعالجته قد يصل حتى العام أو أكثر.

وبذلك لم يعد أمام العائلة المكسيكية أي إجراءات يمكن القيام بها.

حاول أحد الجيران مساعدة العائلة، للحصول على دعم من الجمعيات والجهات المختصة بدعم اللاجئين، والتقوا بالنائب ووزير السياحة الفيدرالي راندي بويسونولت.

الذي قال في تصريح عبر البريد الإلكتروني: “إننا ندرس القضية بوتيرة عالية، ونتواصل في هذا الخصوص مع الزملاء الموحودين في دائرة الهجرة واللجوء والمواطنة الكندية.

تدخلت لاحقًا منظمة Migrante Canada من خلال فرعها في ألبرتا لمساعدة الأسرة.

قالت كلاريزي تروسكوت نائب رئيس منظمة Migrante Can والتي عملت في الجهاز التنفيذي لشركة Migrante Alberta: “الإجراء الوحيد الذي يمكن أن يغير بالموضوع هو القيام بحملة دعم عامة”. “فمن خلال معرفة الناس بالتفاصيل، والضغط على المسؤولين قد نصل إلى تغيير جذري في التعامل مه هذه القضية”.

وفي نفس الوقت تحاول شركة Migrante Alberta القيام بحملة تستهدف مساعدة أسرة أخرى سيتم ترحيلها من كندا إلى الفلبين: وتشمل ترحيل أم عازبة وابنتها الكندية البالغة من العمر ست سنوات والتي تعاني من مشاكل صحية.

وقالت تروسكوت أنه بالرغم من عدم وجود أرقام مؤكدة، لا تزال ترد إلى المنظمة أعداد متزايدة من حالات الترحيل المفاجئ خلال شهري يونيو ويوليو.

وأضافت أنه من الغريب أن تقوم الحكومة الفيدرالية بترحيل الأشخاص، بينما تعمل في نفس الوقت على توسيع برنامج العمال الأجانب المؤقتين.

وقالت: “إننا نرحل أولئك الأشخاص، بينما نفتح الباب لمزيد من العمال بالدخول وفق تصاريح مؤقتة بنفس الفئة”. “لماذا إذًا لا نحتفظ بالموجودين؟ لقد أثبتوا أنهم ينتمون إلى المجتمع الكندي”.

قال المتحدث باسم الوزارة ريمي لاريفيير إن لا يمكن لدائرة الهجرة واللاجئين والمواطنة الكندية التعليق على حالات محددة دون وجود موافقة كتابية بسبب تشريع الخصوصية.

وأضاف أن مجلس الهجرة واللاجئين في كندا يلتزم بعمل تقييم مستقل وعادل لجميع طلبات اللجوء المؤهلة. وبالنسبة لمن يثبت عدم أهليته ليصبح مقيمًا دائمًا من خلال البرامج العادية، أو من استنفد كل الخيارات المتاحة، يمكن التقدم وفق الأسباب الإنسانية والرحيمة.

وقال لاريفيير: “يحق لكل فرد يتعرض للترحيل اتباع الإجراءات القانونية المتاحة، ولكن بمجرد استنفاد جميع خيارات الاستئناف، سينفذ قرار الترحيل من كندا وفقًا للقانون الكندي”.

وقد تم تكليف الوزير شون فريزر لإيجاد طرق رنظيم وضع العمال غير المسجلين، وذلك بالاعتماد على البرامج التجريبية الحالية، وهذا ما ترغب دائرة IRCC إلى مواصلة العمل فيه.

البحث عن العيش في سلام

في حال عادت عائلة أوباندوا نولاسكو إلى المكسيك، غالبًا سيكون عليهم الاختباء، ومحاولة اللجوء إلى بلد آخر، على أمل الحصول على ما اعتقدوا بأنهم وجدوه في كندا، يتمثل بحياة طبيعية تضمن سلامة الطفلتين وأمنهما.

وقال أيضا: “لقد جئنا إلى هنا لنعطي (أن نكون بأمان)، ولسنا هنا لنأخذ”.

حيث يعي نولاسكو أن أعدادًا كبيرة من اللاجئين يرغبون في الاستقرار في كندا، مما وضع الحكومة في وضع صعب.

لكنه لا يطمح بالحصول على معاملة خاصة، بل كل ما يرغب به هو إبلاغ الناس بمدى الخطر الذي تواجهه أسرته. لهذا السبب قرر هو وزوجته الظهور إلى العلن، بالرغم من خوفهما من إيصال المسألة إلى الرأي العام والعودة إلى المكسيك.

وقال: “قمنا بهذه الخطوة لتأمين فرصة لابنتينا للعيش في سلام”. “تستحقان كل ثانية من الجهد الذي أبذله تجاههما”.

المصدر: هنا.

اقرأ أيضا: بعد حصولها على الجنسية الكندية.. زوجة السائق الذي يواجه الترحيل من كندا تطلب الرحمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!