أخبار

بعد موجة الاستقالات الكبرى.. إلى أين تتجه اليد العاملة في كندا؟

خلال العام الحالي وجد أرباب العمل أنفسهم في أزمة عمالة حادة تعاني منها المطاعم وشركات الطيران والمدارس ودور رعاية المسنين.

مع انخفاض معدل البطالة إلى مستوى قياسي بلغ 4.9% خلال شهر حزيران (يونيو)، ازدادت الضغوط على الاقتصاد الكندي الذي يحتاج إلى من يشغل كثيرًا من المناصب في مختلف المجالات.

وبالتزامن مع جائحة كورونا واستمرارها لفترة طويلة، لجأ العمال المسرحون إلى إعادة تقييم أولوياتهم، حيث فضل البعض منهم ممن يعملون في بيئات عمل متعبة وغير مستقرة المغادرة بشكل نهائي، لكن ما هي الوجهة التي يختارونها؟

إليك عدد من قصص هؤلاء العمال.

من مضيفة طيران إلى مرشح للدخول في مجلس المدينة

تستعد باسكال مارشاند لعمل قفزة من السماء إلى مجلس المدينة.

قررت المسؤولة النقابية البالغة من العمر 39 عامًا، والتي كانت تعمل مضيفة طيران سابقة، الترشح لمجلس بلدية هاميلتون خلال هذا الخريف بعد أن بقيت تعمل لفترة في مهنة قضت عليها جائحة كوفيد-19.

كرست مارشاند (التي بدأت عملها كمضيفة طيران في عام 2008) جزءًا من جهودها في العمل ضمن لجان الصحة والسلامة في الاتحاد الكندي للموظفين العموميين (CUPE) منذ عام 2018.

وقالت في هذا الخصوص: “لقد اكتشفت أهمية الحدود الاجتماعية المفروضة على الصحة العامة. ولذلك أعمل لحصولهم على دخل ثابت، وأمن وظيفي، وتأمين أيام مرضية”.

من عاملة دعم إلى مدربة يوجا وسائقة أوبر

اعتقدت ليندسي كوتور أنها ستعمل عندما تكبر في مجال تقديم الدعم للآخرين، حيث عملت منذ أن كانت في سن 11 عامًا مقدمة رعاية لوالدتها التي كانت تعاني من مشاكل في الجهاز التنفسي.

وعندما حان الوقت الذي يجب أن تختار فيه مجال تعمل فيه، قررت أن تتجه إلى المجال الذي تعمل فيه منذ صغرها.

في عام 2016 بدأت كوتور العمل في مهنة تقديم الدعم الشخصي (PSW) في دار رعاية خاصة طويلة الأجل في بورت هوب في أونتاريو.

حيث عملت فترتين من الساعة السابعة وحتى السابعة 11 مساءً، تعرضت خلالها إلى ضغوط شديدة نتيجة ظروف العمل الصعبة للغاية.

ونتيجة لإهمالها لنفسها تعرضت كوتور لأزمات وضغوطات نفسية دفعتها لأخذ إجزة مرضية استمرت عامًا كاملًا.

بعد انتهاء الإجازة أرادت الاستمرار بالعمل في الدعم الشخصي لكن بشروط خاصة بها؛ لذلك افتتحت شركة رعاية مجتمعية خاصة بها.

لكن وجراء مغادرة أعداد كبيرة من العاملين في الدعم الشخصي نتيجة انتشار جائحة كوفيد-19، لم تستطع كوتور استقطاب عاملين جدد لذلك أغلقت كوتور شركتها في يناير لتجنب الانهيار مرة أخرى.

أما الآن فتعمل كوتور مدربة يوغا وممارسة ريكي. حيث حصلت على شهادة تخولها العمل في التدريب، إضافة لبقائها في ريادة الأعمال.

إضافة لذلك تقود سيارة Uber الأمر الذي يحقق لها دخلًا أفضل بكثير من وظيفتها السابقة بدوام كامل.

وقالت كوتور أنها من خلال الوظائف الجديدة أصبحت قادرة على إعطاء أولوية لصحتها النفسية، والحصول على الطاقة الكافية التي تحتاجهت للعمل.

من مدرس إلى مندوب مبيعات

عندما جلس جيوم ريموند قبا عام مضى ليكتب على ورقة بيضاء فوائد العمل في نظام التعليم في كيبيك، لم يجد ما يمكن كتابته.

قال ريموند البالغ من العمر 33 عامًا، والذي يعمل مدرس سابق للتربية البدنية: “أعمل منذ 14 عامًا….. إما حكم كرة قدم أو جليس أطفال، وهذا ما أحببته دائمًا”.

“لكن تبقى مهنة التدريس أكثر وظيفة تطلبًا، إذ تتعامل كل يوم مع ما يزيد عن 150 طفل في صالة للألعاب الرياضية وهذا ما يسبب لي إرهاقًا كبيرًا”.

بدأ ريموند يشعر بالتعب بعد أن أمضى 4 سنوات في التدريس في كلية نوتردام دي لورديس الواقعة على الشاطئ الجنوبي لمدينة مونتريال.

وقال: “أنه مع وصول عدد ساعات العمل حتى 60 ساعة في الأسبوع بالرغم من أن المطلوب هو 28 ساعة، فيما يبقى الراتب هو ذاته”.

وقد فاقم انتشار الوباء من سوء الوضع، حيث أثر على مشاركة الكثيرين في الأنشطة الرياضية.

وتقول جمعية المعلمين في مقاطعة كيبيك أن حوالي ثلث المعلمين الشباب سيتركون المهنة في غضون خمس سنوات بسبب ظروف العمل السيئة.

وفي هذا الخصوص يقول ريموند أنه يجد نقص العمالة محزنًا للأطفال: “أشعر وأني قد فارقت أطفالي، لكن من حقي أن في نفسي أيضا، فنظام التعليم شبه متوقف ولن أستطيع بمفردي أن أغير الواقع، في الوقت الذي أنا فيه بأمس الحاجة إلى راتب أفضل”.

يقول ريموند الذي يعمل حاليًا مستشار مبيعات في بارك أفينيو فولكس فاجن في بروسارد في كيبيك، أن ابتعاده عن مهنة التعليم ساعدته في تحسين موارده المالية، وحالته النفسية على حد سواء.

من نادلة في مطعم إلى كاتبة

تقارن لوري فوكس عملها السابق خادمة في مطعم مقابل أجر زهيد، في حين عليها أن تقدم خدماتها إلى عدد كبير جدًا من الزبائن وأن تتحمل تصرفات بعضهم غير الأخلاقية.

مع بداية انتشار وباء كوفيد-19 تركت فوكس عملها في المطعم بعد إغلاقه في عام 2020، لكنه قرار ليس وليد اللحظة بل ظهرت بوادره قبل عامين عندما شهد المطعم حادثة قام فيها أحد المحتفلين المخمورين في يوم كندا برفض دفع فاتورته وترديد الشتائم ضد المثليين والمتحولين جنسيًا.

قالت فوكس التي تبلغ 35 عامًا: “منذ تلك اللحظة قررت أن أنهي عملي أخلاقيًا ونفسيًا. دون أن أستطيع المغادرة بشكل كامل حتى جاء وباء كوفيد-19 وأجبرني على ذلك”.

منذ أن كانت فوكس في سن الرابعة عشرة بدأت بالعمل في مطعم بيتزا في بيلفيل، ثم انتقلت للعمل في عدد من المطاعم المنتشرة في مونتريال وتورنتو وأوتاوا وبريتش كولومبيا.

وبالرغم من كل تلك التنقلات لم تجد فوكس أي فرق بين تلك المطاعم، فالجميع همه أن يكون العميل راضيًا حتى لو على حساب الموظفين الذين يتقاضون أجورًا لا تتساوى مع ما يبذلوه من جهود.

تقول فوكس التي انتقلت للعمل في وظيفة دائمة بصفة كاتبة مستقلة، أن العمل ليس بالسهل ولكنه يُشعر بالرضا تمامًا.

من العمل في التمريض إلى طالب

شعر دانيال بوا في اللحظة التي قدم فيها طلب الاستقالة بارتياح كبير، مع أنه لم يكن يتخيل يومًا ما أن يترك عمله.

عمل بوا البالغ من العمر 46 عامًا ممرضًا لمدة تزيد عن عقدين، شهد خلالها العديد من الأوبئة مثل السارس وإتش ون إن ون، وكوفيد-19.

لكنه في الفترة التي قدم استقالته عام 2022 فيها كان يعمل مديرًا في وحدة الرعاية الأولية في مستشفى وسط مدينة تورونتو.

بالرغم من كل حالات التعب والإرهاق التي مر بها خلال مسيرته المهنية، لم يستطع بوا الصمود خلال جائحة كوفيد-19 حيث أكد أنه لم يعد يملك القدرة على تقديم أي شيء.

لم يكن بوا متأكدًا أن هناك ما يقدمه لموظفيه أكثر مما فعل خلال خدمته، وقال: “لقد كانت الفترة الماضية على حساب راحتي الجسدية والنفسية”.

لكن وقبل أن يقدم بوا استقالته، بدأ الدراسة للحصول على شهادة في الأعمال التجارية.

كما اتخذ مجموعة من الإجراءات لتسهيل الأمر على زملائه، حيث أبلغ مديره التنفيذي قبل تسعة أسابيع ليجد بديلًا له يكون جاهزًا لمتابعة العمل.

أما الآن فهو طالب بدوام كامل، يستطيع أن ينام بشكل أفضل ويتناول ثلاث وجبات في اليوم ويمارس الرياضة.

ويقول أن لا يرغب بالابتعاد عن مجال الرعاية الصحية بشكل دائم، بل يسعى بعد أن يتخرج من كلية إدارة الأعمال أن يعمل معالجًا فيزيائيًا.

ثم سيعمل على أن تكون له عيادته الخاصة للصحة النفسية التي تقدم خدماتها للعاملين في مجال الرعاية الصحية في تورنتو.

اقرأ أيضا: حكومة أونتاريو تعلن عن إطلاق برنامج تدريب مجاني في قطاع تصنيع السيارات ووظائف متاحة للمشاركين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!