لماذا يريد ترامب كندا وجرينلاند؟ .. إليك أهم الأهداف الاستراتيجية والاقتصادية

عندما عاد الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الأسبوع الماضي، توقع الكثيرون أن يستهدف الصين أو يعالج أمن الحدود مع المكسيك.
ولكن بدلاً من ذلك، فاجأ ترامب العالم بتكرار خطته لتوسيع الأراضي الأمريكية من خلال الاستحواذ على جرينلاند من الدنمارك وضم كندا إلى الولايات المتحدة باعتبارها الولاية رقم 51، وقد أثارت هذه الأجندة انتقادات من الحلفاء، الذين يرى الكثير منهم أنها غير قابلة للتطبيق.
وفي حين قد يتم رفض نهج ترامب العدواني وخطابه المتفجر بسرعة، فمن الجدير أن نفهم لماذا تعبر الولايات المتحدة عن مثل هذه الطموحات الجيوسياسية الجريئة، والأسباب هي عبارة عن تجميع للاقتصاد والأمن القومي والقوة العالمية.
كندا الولاية رقم 51:
تبلغ مساحة كندا الشاسعة 9.98 مليون كيلومتر مربع، مما يجعلها ثاني أكبر دولة على مستوى العالم وامتدادا طبيعيا للأراضي الأميركية من منظور جغرافي.
تتقاسم الدولتان بالفعل أطول حدود غير محمية في العالم، لكن ترامب وصف هذه الحدود بأنها خط مرسوم بشكل مصطنع يعيق التكامل الاقتصادي والتعاون الأمني.
ومن الناحية الاقتصادية، تعد كندا ثاني أكبر شريك تجاري لأميركا وسوق التصدير رقم واحد، وتخضع التجارة لاتفاقية كندا والولايات المتحدة والمكسيك، التي وقعتها إدارة ترامب الأولى.
وتشير تقديرات TD Bank إلى أن الولايات المتحدة في طريقها لتسجيل عجز تجاري مع كندا يبلغ نحو 45 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يمثل 5% فقط من العجز التجاري الإجمالي للولايات المتحدة.
وعندما نستبعد صادرات الطاقة الكندية، يصبح العجز التجاري إيجابيا: ففي عام 2023، ذهب 78% من إجمالي الإنتاج الكندي إلى الولايات المتحدة، وجاء 60% من إجمالي واردات النفط الخام الأمريكية من كندا.
وبالتالي، تشكل الطاقة جزءا كبيرا من التجارة بين البلدين، ومع ذلك، ونظرا للحصة الصغيرة نسبيا من العجز الإجمالي وحقيقة أن إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة يستمر في النمو، فمن المحتمل أن تكون هناك دوافع أخرى للرغبة في جعل كندا الولاية رقم 51.
ويزعم ترامب أن الضم من شأنه أن يلغي الحواجز التجارية، ويبسط استخراج الموارد، ويعزز استقلال أمريكا الشمالية في مجال الطاقة مقارنة ببقية العالم، ومع ذلك، فإن المصالح الأمنية الوطنية والاقتصادية تشكل دافعا أكبر.
والسيطرة على الحدود هي إحدى القضايا، فعلى سبيل المثال، أعرب ترامب عن مخاوفه بشأن تدفق الفنتانيل والمهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود بين الولايات المتحدة وكندا، لذلك فإن دمج البلدين من شأنه أن يعزز أمن الحدود.
والسيطرة على الموارد هي قضية أخرى، حيث ترى إدارة ترامب أن الوصول إلى مخزون كندا الكبير من الموارد الطبيعية، بما في ذلك النفط والمعادن والمياه العذبة، أمر حيوي للأمن الاقتصادي للولايات المتحدة.
وستكون الجائزة الرئيسية هي القطب الشمالي. ما يقرب من 40 في المائة من كتلة اليابسة في كندا تعتبر قطبية، ومن خلال دمج كندا، يمكن للولايات المتحدة تعزيز هيمنتها في التجارة العالمية والجغرافيا السياسية في القطب الشمالي.
ومن شأن هذه الخطوة أن توازن الوجود الروسي والصيني المتزايد في القطب الشمالي مع تأمين السيطرة على طرق الشحن الحيوية.
جرينلاند: أصل استراتيجي في القطب الشمالي:
جرينلاند، وهي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في الدنمارك، هي أكبر جزيرة في العالم، وتبلغ مساحتها 2.16 مليون كيلومتر مربع، وهي قليلة السكان حيث يبلغ عدد سكانها 56916 نسمة فقط.
وعلى غرار كندا، فإن قرب جرينلاند من ممرات الشحن المهمة في القطب الشمالي يجعلها أصلا جيوسياسيا.
كما تستضيف الجزيرة قاعدة بيتوفيك الفضائية، وهي منشأة عسكرية أمريكية رئيسية تستخدم في عمليات الدفاع الصاروخي والمراقبة.
ومن الناحية الاقتصادية، تعد جرينلاند غنية بالعناصر الأرضية النادرة غير المستغلة مثل الديسبروسيوم والنيوديميوم واليوروبيوم والإتريوم – وهي مواد بالغة الأهمية لأجهزة الذكاء الاصطناعي وتقنيات الحوسبة الكمومية وأنظمة الطاقة المتجددة ومعدات الدفاع المتقدمة.
ويحتوي مشروع تانبريز وحده على ما يقدر بنحو 28 مليون طن من أكاسيد الأرض النادرة، ما يقرب من 30% منها عبارة عن عناصر أرضية نادرة ثقيلة. وقد تؤدي هذه الموارد إلى تقليص اعتماد الولايات المتحدة على الصين بشكل كبير،
مثل كندا، عارضت الدنمارك بشدة طموحات ترامب في الاستحواذ على جرينلاند، وأكدت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن في السابع من يناير أن “جرينلاند ليست للبيع”، مؤكدة أن العلاقات الأمريكية الدنماركية يجب أن تظل محترمة لسيادة جرينلاند.
- اقرأ أيضاً: بعد كندا.. ترامب يتطلع إلى اتفاق لجوء مع هذه الدولة لترحيل المهاجرين إليها
- ترامب يفرض رسوما جمركية ضخمة على هذه الدولة بعد رفضها رحلات المهاجرين