هل يمكن أن تخلق الحرب التجارية بين كندا والولايات المتحدة فرصا لمشتري المنازل لأول مرة؟

تشهد كندا حالة من عدم اليقين الاقتصادي وسط تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وفرض التعريفات الجمركية.
لكن بعض خبراء العقارات يرون أن هذا الوضع قد يخلق فرصا للمشترين لأول مرة في سوق الإسكان.
وغالبا ما يتردد المستهلكون في اتخاذ قرارات شراء كبيرة في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، إما بسبب الخوف من فقدان الوظائف أو بسبب الترقب لمعرفة كيف يمكن أن تؤثر تكلفة بعض السلع المتزايدة على الأوضاع المالية للأسر.
وبالنسبة لبعض المشترين لأول مرة، قد يكون الخيار الأكثر أمانا هو البقاء في سوق الإيجار بدلا من استثمار مدخراتهم في أكبر عملية شراء في حياتهم، خاصة مع الركود في سوق العمل.
في المقابل، قد يجد هؤلاء الذين ما زالوا مستعدين للشراء أنفسهم في موقف تفاوضي أفضل، ويؤدي تراجع الطلب إلى انخفاض المنافسة على المنازل، مما قد يسمح لهم بالحصول على أسعار أفضل.
من جانبه، قال ريشاد راميز، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة Zown العقارية، إن العقارات تظل في السوق لفترة أطول مقارنة بالسنوات السابقة، فبعدما كان المنزل يُباع في غضون أسبوع، أصبح البيع الآن يستغرق شهرا أو أكثر.
وأضاف أن هذا التباطؤ خلق فرصة للمشترين للتفاوض، ولم تعد هناك حروب مزايدات كما في السابق، وأوضح: “كمشتري لأول مرة، يمكنك تحديد سقف لسعرك، وفي كثير من الأحيان، يقبل البائعون بذلك”.
وفي بعض الأسواق مثل قطاع الشقق السكنية في تورنتو، يوصي راميز المشترين بتقديم عروض تبدأ أقل من القيمة السوقية بنحو 5%، بينما يرى أنه في أسواق قوية مثل فانكوفر، من الأفضل البدء بالعروض عند القيمة التقديرية للعقار.
كما قال جيف أبلبي، وكيل عقاري في فانكوفر، إن حالة عدم اليقين المرتبطة بالتعريفات ستؤدي على الأرجح إلى تباطؤ حجم المعاملات العقارية في الأسابيع القادمة.
وأضاف: “من المستحيل التنبؤ بالمدى الذي سيصل إليه هذا التباطؤ، لكن طالما أن الأوضاع غير مستقرة، فإن قرارات الشراء ستتباطأ بشكل عام”.
وأشار إلى أنه شهد بالفعل انخفاضا في المنافسة، وهو ما انعكس إيجابيا على بعض عملائه، حيث تمكن أحد المشترين من شراء شقة في فانكوفر دون أي منافسة، وهو أمر نادر في السوق.
كيف تلعب أسعار الفائدة دورا في هذا؟
ساهمت أسعار الفائدة المرتفعة التي فرضها بنك كندا لكبح التضخم في تباطؤ ارتفاع أسعار المنازل، ودفعها للانخفاض في بعض المناطق.
لكن في الوقت ذاته، أدت هذه الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكاليف الرهون العقارية، مما وضع ضغوطا على العديد من أصحاب المنازل الذين يواجهون صعوبة في الاحتفاظ بممتلكاتهم.
ولفت راميز إلى أن العديد من مالكي العقارات كانوا يؤجلون البيع حتى فصل الصيف، أملا في ظروف سوقية أفضل، لكن الحرب التجارية قد تغير هذه التوقعات.
كما قال: “قد يُضطر بعض أصحاب المنازل الذين يعانون ماليا إلى بيع ممتلكاتهم قريبا، مما قد يزيد المعروض في السوق في وقت تتراجع فيه المنافسة، ويخلق فرصة إضافية للمشترين”.
ويتوقع الخبراء أن يخفض بنك كندا أسعار الفائدة بوتيرة أسرع من المتوقع بسبب الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الحرب التجارية.
وقال أيفري شينفيلد، كبير الاقتصاديين في CIBC Capital Markets، اليوم الجمعة: “لو لم تنخرط البلاد في حرب تجارية، لكان لدى بنك كندا أسباب كافية للتريث قبل خفض أسعار الفائدة، لكن البيانات الاقتصادية الإيجابية من بداية العام أصبحت شيئا من الماضي”.
ويرى شينفيلد إشارات واضحة على بنك كندا يميل إلى تخفيف السياسة النقدية، مشيرا إلى أن خفض سعر الفائدة لن يُعيد المصانع المغلقة للعمل، لكنه يمكن أن يعزز الطلب المحلي لتعويض التأثير السلبي للتعريفات الجمركية.
التأثير طويل المدى على الإسكان
على الرغم من أن الوضع الحالي قد يكون مواتيا للمشترين، فإن بعض الخبراء يحذرون من أن أزمة الإسكان قد تتفاقم خلال السنوات القادمة.
وهذا يعود إلى أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى زيادة تكلفة مواد البناء، مما يجعل مشاريع البناء والتجديد أكثر تكلفة.
كما قال راميز إن سوق العقارات في كندا لا يزال متأثرا باضطرابات وباء كورونا، التي تسببت في ارتفاعات تكاليف البناء والعمالة إلى جانب زيادة أسعار الفائدة.
وبسبب ذلك، أصبح بعض المطورين أقل حماسا لبدء مشاريع جديدة في ظل حالة عدم اليقين بشأن التكاليف المستقبلية.
وقال راميز: “أعتقد أن التباطؤ الحالي في البناء سيؤثر علينا بشدة خلال أربع إلى خمس سنوات، وسيزداد عدد الباحثين عن منازل، بينما سيكون المعروض أقل”.
وذكر أن الانخفاض الحالي في الأسعار قد يدفع المطورين إلى تقليل المشاريع الجديدة، مما يعني نقصا في العرض مستقبلا، وارتفاعا حادا في الأسعار مجددا.
اقرأ أيضا:
- كندا سترسل دعوات للتقدم بطلبات الحصول على الإقامة الدائمة عبر برنامج PGP لعام 2025
- أعلى القطاعات أجرا في كندا لعام 2025.. وبعضها يدفع أكثر من 50 دولارا في الساعة