بركان عملاق قد يغير شكل الأرض.. مخاوف من ثوران كارثي في أمريكا

في قلب الولايات المتحدة الأميركية، يقع منتزه “يلوستون الوطني”، أحد أبرز المعالم الطبيعية في العالم، المعروف بجماله الأخّاذ وتنوعه الجيولوجي المدهش، لا سيما ظواهره الحرارية الأرضية الفريدة.
ولكن خلف هذا الجمال يكمن بركان هائل، يُعدّ أحد أكبر البراكين في العالم، والذي يثير تساؤلات مستمرة حول احتمالية استيقاظه من جديد.
فرغم مرور نحو 700 ألف عام على آخر ثوران بركاني كبير في يلوستون، لا تزال الشكوك والتكهنات قائمة بشأن ما إذا كان هذا البركان يستعد لثوران جديد.
ومع أن السكان القريبين من المنطقة يترقبون الأحداث بقلق، تؤكد التقارير الجيولوجية الحديثة عدم وجود أي مؤشرات على خطر وشيك، وفقا لما أورده موقع “Ecoportal”.
فقد شهد يلوستون عبر تاريخه ثلاثة ثورات بركانية ضخمة خلال آخر 2.1 مليون سنة، وكان آخرها قبل نحو 640 ألف عام، حيث تشكلت “كالديرا يلوستون” – وهي منخفض ضخم ناتج عن انهيار القشرة الأرضية بعد تفريغ حجرة الصهارة.
ويُقدّر أن هذا الانفجار قد قذف أكثر من 1000 كيلومتر مكعب من الحطام البركاني، مسببا تأثيرات مناخية عالمية نتيجة انتشار الرماد في الغلاف الجوي.
وتشير كلمة “كالديرا” إلى الفجوة أو الحوض الكبير الذي يتكوّن نتيجة لانهيار السقف الأرضي فوق خزان الصهارة بعد تفريغه.
ورغم أن يلوستون شهد بعض الأنشطة البركانية الصغيرة لاحقا، إلا أنها لم تكن مؤثرة بشكل كبير، بل ساهمت فقط في تشكيل التضاريس وإطلاق الطاقة الحرارية الأرضية التي لا تزال كامنة تحت السطح.
وما يميز بركان يلوستون هو غموض نمط نشاطه؛ فلا يتبع نمطا زمنيا محددا أو دوريا، مما يثير مخاوف بعض العلماء من احتمالية ثوران مفاجئ في المستقبل، لكن حتى اللحظة، لا توجد مؤشرات واضحة على مثل هذا الاحتمال.
ووفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS)، فإن النشاط البركاني المتوقع في المنطقة على المدى القريب يقتصر على الانفجارات الحرارية المائية أو تدفقات حمم بركانية صغيرة، وهي ظواهر تحدث بشكل دوري كل عدة سنوات.
وقد لوحظ سابقا، بين عامي 2004 و 2008، ارتفاع غير مسبوق في أرض الكالديرا بمعدل 75 ملم سنويا، إلا أن هذا النشاط تباطأ منذ عام 2010، ولا يزال تحت المراقبة الدقيقة دون مؤشرات مقلقة.
وعلى الرغم من تداول بعض الشائعات مؤخرا في عام 2025 حول احتمالية ثوران قريب، شدّد العلماء على أن البيانات المتوفرة لا تشير إلى أي خطر حقيقي حاليا، ويرجّح الخبراء أن أي ثوران مستقبلي كبير قد يحدث بعد آلاف السنين، وليس في المستقبل القريب.
لكن، في حال وقوع ثوران بركاني هائل، فإن الولايات المتحدة ستكون الأكثر تضررا، بينما سيصل تأثير الرماد البركاني إلى مناطق في أوروبا أيضا.
وحذّرت تقارير علمية من أن استنشاق هذا الرماد يشكّل خطرا صحيا كبيرا، إذ يتحول إلى مادة شبيهة بالإسمنت داخل الرئتين.
كما أن الثوران سيُحدث اضطرابات بيئية واسعة النطاق، وسيؤثر على المناخ العالمي بفعل الغازات والرماد المنبعثة إلى الغلاف الجوي.
ويتوقع الباحثون أن يؤدي ذلك إلى انخفاض متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار يصل إلى 10 درجات مئوية، مع استمرار التأثير المناخي السلبي لعدة سنوات لاحقة.
ورغم كل هذه السيناريوهات المثيرة للقلق، تؤكد الدراسات الجيولوجية الحديثة أن كمية الحمم الموجودة حاليا تحت يلوستون لا تكفي لإحداث ثوران كارثي، ويرجّح أن تبريد المناخ بعد أي ثوران كبير قد يكون ناتجا عن انبعاثات غاز الكبريت التي تحجب أشعة الشمس.