
ارتفعت حالات الجرب بشكلٍ كبير في بريطانيا خلال الأشهر الأخيرة مع عدم استجابة المرضى المصابين للعلاجات المعتادة، مما يوفر فرصا أكبر لانتشار العث.
في أكتوبر، حذرت الجمعية البريطانية لأطباء الجلد من أن حالات المستشفيات “مرتفعة بشكل غير عادي” وتبلغ ثلاثة أضعاف متوسط الخمس سنوات.
وتقدر الجمعية أن ثلاثة من كل ألف بريطاني – أي ما يقرب من 200 ألف مريض – مصابون بالعدوى، ويرتفع المعدل بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاما وكبار السن، حيث يصيب خمسة من كل ألف.
وينتشر الجرب عن طريق التلامس الجلدي المباشر مع الآخرين، لذا غالبا ما يصيب الأسر بأكملها، بالإضافة إلى نزلاء دور الرعاية، كما ينتقل أثناء ممارسة الجنس – على الرغم من أنه لا يُصنف كعدوى تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي.
ويمكن أن يعيش الطفيلي وبيضه أيضا في ملاءات الأسرّة والمناشف، مما قد ينقل العدوى.
وتبدأ الأعراض عادة بعد ثلاثة إلى ستة أسابيع من الإصابة، ولكن لدى الشخص الذي أصيب بعدوى سابقة، يمكن أن تظهر الأعراض في وقت أقصر يتراوح بين يوم واحد وثلاثة أيام.
وقد يكون تشخيصه صعبا لأن الطفح الجلدي الأحمر المميز، والذي يُرى عادة في طيات الجلد داخل الكوع والركبة والأرداف وبين أصابع اليدين والقدمين، قد يستغرق شهورا حتى يظهر، ويمكن أن ينتشر الطفح الجلدي أيضا في جميع أنحاء الجسم، وقد يتضمن “خطوطا” – خطوطا مرئية تحت الجلد حيث حفرت العث لوضع بيضها.
ويمكن أن يؤدي خدش هذه العلامات إلى تفاقم أمراض جلدية أخرى مثل الأكزيما أو الصدفية، وقد يؤدي إلى عدوى بكتيرية.
وقد يكون الأشخاص ذوو المناعة الضعيفة أكثر عرضة للإصابة بالجرب المتقشر، وهو شكل أشد خطورة، ويشتمل على كثافة أعلى من العث.
ولعقود، كان العلاج الأولي هو البيرميثرين، الذي يُوضع على الجسم بالكامل، ويُترك لمدة 12 ساعة، ثم يُعاد وضعه بعد أسبوع لقتل البيض المتبقي، ولكن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن الجرب قد كوّن مقاومة للدواء، مما يجعل هذا الكريم عديم الفائدة تقريبا.
ويحذر الخبراء من أن الأطباء العامين غالبا ما يجهلون أن دواء الإيفرمكتين، الفعال ضد هذا المرض، قد تمت الموافقة عليه كعلاج من قِبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) عام 2023.
ويناشد الباحثون الأطباء اتباع إرشادات هيئة الخدمات الصحية الوطنية ووصف دواء الإيفرمكتين لمنع معاناة آلاف الأشخاص.
ويقول البروفيسور مايكل ماركس، خبير الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة والطب المُعدي ورئيس التحالف الدولي لمكافحة الجرب: “لا شك أن وصف جرعة أكبر من الإيفرمكتين للمرضى المصابين بالجرب سيكون أفضل لهم”.
وأضاف “أظهرت الأبحاث فعاليته المذهلة، لذا علينا التأكد من توفره في الصيدليات واستعداد الأطباء لوصفه، ولدينا الأدوات اللازمة لعلاج الجرب، لذا علينا البدء في استخدامها”.
كما تعجّ منتديات التواصل الاجتماعي بتقارير عن حالاتٍ غير قابلة للعلاج، حيث يلجأ المصابون إلى علاجاتٍ طبيعية، بما في ذلك طلاء الجسم بزيت جوز الهند، وهي علاجاتٌ لا تُجدي نفعا.
وكان قد اشتهر دواء الإيفرمكتين، وهو دواءٌ مضادٌ للطفيليات، خلال جائحة كوفيد-19 بعد ادعاءاتٍ من أطباء غير مُختصين بأنه قد يكون علاجا مناسبا، وبديلا عن التطعيم، على الرغم من عدم وجود أدلةٍ موثوقة.
ويُستخدم هذا الدواء بشكل روتيني في الطب البيطري، ولذلك يُشار إليه أحيانا باسم “مُطهِّر ديدان الخيول”.
كما يُعطى بشكل روتيني للأطفال والبالغين في أوروبا القارية وخارجها لعلاج أو الوقاية من العدوى الطفيلية الخطيرة، بما في ذلك الجرب، ويجب على المرضى تناول خمسة أقراص مع الطعام، ثم تُعطى جرعة ثانية بعد أسبوع لقتل أي بيوض فقست.
وقد وجدت الدراسات أن هذا العلاج قادر على قتل الحشرة وبيضها، وقد يمنع عودتها لمدة تصل إلى عامين.
وأظهرت التجارب، في عدد قليل من الحالات، أن المرضى قد يعانون من آثار جانبية مثل الدوخة وطفح جلدي مشابه للعدوى.
ماذا تفعل إذا كنتَ مُصابا بعدوى؟
يقول الخبراء إنَّ مفتاح الحدِّ من تأثير العدوى هو زيارة طبيب عام في أسرع وقت ممكن.
ويمكن للأطباء وصف غسول مثل البيرميثرين، وهو متوفر أيضا في الصيدليات، أو الإيفرمكتين.
ولتجنب إعادة الإصابة، يجب علاج جميع المخالطين في الوقت نفسه، حتى لو لم تظهر عليهم أي أعراض.
ويشمل ذلك أفراد الأسرة والشركاء الجنسيين، وقد يشمل أيضا الأشخاص الذين يمارس الشخص الرياضة معهم أو من يعتني بهم.
ويعود جزء من ارتفاع عدد الحالات إلى أنه عندما لا يُعالج بسرعة، يمكن للأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض نقل الجرب إلى المخالطين الأصليين، بل وحتى إلى من عادوا إليهم.
وتمتلئ المنتديات الإلكترونية بأشخاص يتخذون إجراءات صارمة، مثل تبخير منازلهم وحرق الأغراض، لكن هذا ليس ضروريا، ففي معظم الحالات، لا تعيش العث طويلا على أغطية الأسرة والمناشف والملابس.
ولهذا السبب، يجب غسل جميع هذه الأغراض في المنزل في نفس وقت العلاج.
ويمكن القيام بذلك باستخدام غسالة ملابس عادية، ويجب وضع أي غرض لا يمكن غسله في أكياس محكمة الغلق لمدة ثلاثة أيام.
وبعد هذه الفترة، يكون الجرب قد مات.