انتخابات كندا 2025: المخاطر كبيرة بالنسبة لزعماء الأحزاب الثلاثة الرئيسية

تُعدّ المخاطر كبيرة مع دخول كندا في حملة انتخابات عامة، ليس فقط للبلاد، بل أيضا لقادة الأحزاب الوطنية الرئيسية الثلاثة.
ستشهد الانتخابات الفيدرالية الخامسة والأربعون في كندا، التي انطلقت رسميا بعد ظهر يوم الأحد، انتخاب رئيس وزراء جديد وتولي حكومة جديدة السلطة – مهما كانت النتيجة.
وسيسعى زعيم الحزب الليبرالي، مارك كارني، الذي أدى اليمين الدستورية رئيسا للوزراء الأسبوع الماضي بعد انتخابه زعيما للحزب خلفا لجاستن ترودو، إلى إعادة الليبراليين إلى السلطة للمرة الرابعة في غضون عشر سنوات، وسيسعى زعيم حزب المحافظين، بيير بوالييفر، إلى الاستفادة من سنوات من الغضب على الطابع الليبرالي، وتثبيت حزبه في السلطة لأول مرة منذ هزيمة ستيفن هاربر عام 2015.
وفي هذه الأثناء، يتنافس الديمقراطيون الجدد على حصد أكبر عدد من الأصوات في هذه الانتخابات التي قد تكون بمثابة الفرصة الأخيرة للزعيم جاغميت سينغ، ويواجه حزب الكتلة الكيبيكية رياحا معاكسة مماثلة، حيث يستعيد ليبراليو كارني زمام الأمور في المقاطعة.
وستُجرى هذه الانتخابات على خلفية الهجمات الاقتصادية غير المسبوقة التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على كندا، وفي ظل حالة من عدم اليقين شبه الدائم على الساحة العالمية، مع احتدام الصراع في أوكرانيا والشرق الأوسط، وتنامي نفوذ الصين، وتهديد تغير المناخ الوشيك.
كما أنها تجري في سياق تحول جذري، إن لم يكن غير مسبوق، في استطلاعات الرأي الوطنية، إذ يتمتع المحافظون بتقدم مريح على الليبراليين في تفضيلات الناخبين منذ تولي بوالييفر قيادة الحزب عام 2022، متصدرين بنسب مئوية من خانتين لعدة أشهر متتالية.
ويبدو أن هذا الوضع قد تغير بعد استقالة جاستن ترودو من منصب رئيس الوزراء في يناير، فمنذ ذلك الحين، ازدادت شعبية الليبراليين بشكل مطرد بين الناخبين، ووفقا لمعظم استطلاعات الرأي العامة الوطنية، فإنهم الآن متعادلون إحصائيا أو يتمتعون بتقدم طفيف على المحافظين.
وأظهر أحدث استطلاع رأي أجرته شركة إبسوس، والذي نُشر يوم الثلاثاء، أنه في حال إجراء انتخابات فيدرالية الآن، سيتفوق الليبراليون على المحافظين بست نقاط مئوية، حيث سيحصلون على 42% من تأييد الناخبين المُصرّين، مقارنة بـ 36% لمحافظي بوالييفر، ويمثل هذا تحولا بنسبة سبع نقاط مئوية في ثلاثة أسابيع فقط.
وقد انخفضت نسبة تأييد الحزب الديمقراطي الجديد إلى 10% فقط من تأييد الناخبين، وعادة ما يُصبّ ضعف أداء الديمقراطيين الجدد في مصلحة الليبراليين، حيث ينضمّ الناخبون “التقدميون” إلى الفريق الأحمر لعرقلة فوز المحافظين.
وما يُثير قلق بوالييفر والمحافظين أكثر هو آراء المُستجيبين حول من سيكون أفضل رئيس وزراء، لا سيما في ظلّ مواجهة الحكومة لتهديدات اقتصادية وجودية من إدارة ترامب.
ووجدت إبسوس أن 42% من المُستجيبين يرون أن كارني – الذي لم يُختبر بعدُ بقسوة الحملات الانتخابية – هو الخيار الأمثل لمنصب رئيس الوزراء، مُتقدّما على بوالييفر بعشر نقاط مئوية.
وينتخب الكنديون أعضاء البرلمان، وليس رؤساء الوزراء، ولكن عادة ما يكون لقادة الأحزاب دورٌ كبير في إقناع الناخبين.
ولكن حتى التعادل لا يعني بالضرورة تعادلا، فنظرا لتركيز دعم المحافظين تقليديا في غرب كندا، فحتى لو كانت نتائج الاستطلاعات متقاربة، فهذا يعني أن الليبراليين يتمتعون بالأفضلية، لأن تصويتهم أكثر فعالية وتركيزا في المقاطعات الغنية بالمقاعد مثل أونتاريو وكيبيك.
وفي حين أن الدعم القوي للمحافظين في مقاطعات مثل ألبرتا وساسكاتشوان يُمكن أن يُعزز أرقامهم في استطلاعات الرأي الوطنية، إلا أنه لا يُترجم إلى المقاعد التي يحتاجونها لتشكيل الحكومة، فقد فاز المحافظون بالتصويت الشعبي في كلٍّ من عامي 2019 و2021، لكن الليبراليين ما زالوا قادرين على تشكيل حكومات أقلية.
وإذا حقق المحافظون فوزا، فسيُنظر إلى بوالييفر على أنه المنقذ داخل الحزب، إذ سيقودهم إلى الحكومة كمحافظ “حقيقي” بعد التحول الوسطي من الزعيمة السابقة إيرين أوتول، وبعد الهزيمة المخيبة للآمال لأندرو شير في عام 2019.
وإذا خسروا، فسيكون بوالييفر ثالث زعيم محافظ على التوالي ينضم إلى المعارضة بعد فشله في إزاحة إدارة ليبرالية لا تحظى بشعبية، ولم ينجُ أيٌّ من أسلافه من خسارة الانتخابات العامة.
وإن قبضة بوالييفر على المحافظين أقوى بكثير من قبضة أوتول أو شير، لكن لم يكن لدى أيٍّ منهما الوقت أو الدعم الحزبي الداخلي اللازم للاستعداد لفرصتهما، وقد تؤدي خسارة المحافظين، بعد تصدرهم لفترة طويلة في استطلاعات الرأي الوطنية، إلى جولة أخرى من مراجعة الذات.
وفي هذه الأثناء، أمام كارني فرصةٌ إما لإنعاش الحزب الليبرالي من حافة الانهيار – مرة أخرى – أو أن يصبح أقصر رئيس وزراء خدمة في تاريخ كندا الحديث، ولم يسبق لهذا المحافظ السابق للبنك المركزي أن ترشح في أي حملة انتخابية، حتى للفوز بمقعد في مجلس العموم، ويواجه مرشحين أكثر خبرة، هما بوالييفر وسينغ.
وهذه هي الانتخابات العامة الثالثة التي يقود فيها سينغ الديمقراطيين الجدد، ولم تُحسّن الجولتان السابقتان حظوظ الحزب في مجلس العموم، ففي عام 2015، فاز الحزب بقيادة توماس مولكير بـ 44 مقعدا بنسبة 19.7% من الأصوات الشعبية، وفي عام 2019، أشرف سينغ على حملة قلّصت عدد مقاعد الحزب إلى 24 مقعدا بنسبة 16% من الأصوات، وفي عام 2021، فاز الحزب بـ 25 نائبا بنسبة 17.8% من الأصوات.