
تعمل الدكتورة ميشيل بارتون في قلب تفشي الحصبة في أونتاريو منذ أشهر، محاولة احتواء الضرر الذي قد يُلحقه هذا المرض شديد العدوى بالأطفال المُعالجين في المستشفيات بسبب الفيروس.
ترأس بارتون فريق طب الأطفال للأمراض المعدية في مستشفى الأطفال التابع لمركز لندن للعلوم الصحية في جنوب غرب المقاطعة، وهي المنطقة التي تشهد أعلى معدل إصابة بالمرض.
وتشعر بارتون وأطباء آخرون بالقلق من أن تتبع موجات تفشي المرض في كندا نفس مسار موجات تفشي المرض في الولايات المتحدة، حيث توفي طفلان غير مُلقحين بسبب الحصبة، ويقول أطباء الأطفال والعلماء إنهم يراقبون أيضا حالات عصبية نادرة للغاية يمكن أن تحدث حتى بعد سنوات من تعافي الأطفال الذين أصيبوا بالحصبة.
وحتى يوم الجمعة، أبلغت السلطات الصحية الإقليمية في جميع أنحاء البلاد عن 914 حالة إصابة بالحصبة، متجاوزة بذلك إجمالي الإصابات المسجلة في عام 2011 والبالغ 751 حالة، ويُعد هذا العدد الإجمالي الأعلى منذ القضاء على الحصبة في كندا قبل أكثر من 25 عاما.
وكان قد أُبلغ عن معظم الحالات في البلاد في أونتاريو، حيث أفادت هيئة الصحة العامة في أونتاريو بتفاصيل 804 حالة مؤكدة ومحتملة من الحصبة هذا العام حتى الآن.
وتقلق بارتون بشكل خاص بشأن الأطفال الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، مثل أولئك الذين يتلقون العلاج الكيميائي، إذا أصيبوا بالحصبة ولم يصلوا إلى المستشفى بالسرعة الكافية، فقد ينتهي بهم الأمر بالوفاة.
ويخشى الأطباء الكنديون من حدوث وفيات.
وأوضح الدكتور ديلي ديفيز، الأستاذ الكندي لطب الأطفال والأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة نبراسكا، أن سبب خطورة الحصبة هو كونها شديدة العدوى.
إذ تبدأ الحصبة عادة بسعال وسيلان في الأنف واحمرار في العينين، تليها بقع داخل الفم وطفح جلدي يبدأ من أعلى الرأس ويمتد إلى أسفل.
ويُسبِّب فيروس الحصبة ارتفاعا في درجة الحرارة، ولكنه يُضعِف أيضا جهاز المناعة.
وقالت بارتون: “تتأثر بطانة مجرى الهواء وتصبح حاجزا غير فعال”، وفي مواجهة هذا الفيروس، الذي نسميه مثبطا للمناعة، قد يُصاب المريض بالتهاب رئوي، وأشارت إلى أن التهابات الأذن والالتهابات الثانوية الأخرى شائعة أيضا.
وأضافت بارتون أن المضاعفات الأكثر خطورة تشمل تورم الدماغ أو التهاب الدماغ في حالة واحدة من كل 1000 حالة تقريبا، مما قد يؤدي إلى النعاس والارتباك ونوبات صرع تزول تدريجيا.
مضاعفة “مروعة” ونادرة
على الرغم من ندرتها الشديدة، إلا أن المشاكل العصبية طويلة الأمد قد تحدث حتى بعد تعافي الطفل الصغير من الحصبة.
وتقول بارتون إن فيروس الحصبة نفسه يبقى عند مستوى منخفض في الدماغ، ويمكن أن يستيقظ بعد ست إلى عشر سنوات كاضطراب مدمر يُسمى التهاب الدماغ الشامل المصلب تحت الحاد، أو SSPE.
وأشارت عالمة المناعة دون بوديش، أستاذة الطب بجامعة ماكماستر، إلى أن فيروس الحصبة لديه طفرات تسمح له بالاختفاء من الجهاز المناعي، ثم الانتقال من خلية عصبية إلى أخرى، حيث قد تتضرر أجزاء الدماغ المسؤولة عن الإدراك والحركة.
وتضيف بوديش: “يبدأ الأمر بصعوبات في التعلم أو الذاكرة، ولا يصل الأطفال إلى كامل إمكاناتهم الفكرية… وهو أمر لا يتمناه أي والد لطفله”.
وقد يُصاب المصابون بمتلازمة SSPE بنوبات صرع، ويقول الخبراء الطبيون إنه في جميع الحالات تقريبا، يتطور الاضطراب حتى يدخل المريض في حالة لا وعي، وينتهي بالوفاة في النهاية.