أخبار

“سنستقبل أصدقاءنا في كندا بحفاوة بالغة”.. هذه البلدة الأمريكية بحاجة ماسة إلى الكنديين

يزور الكنديون مدينة بلين في واشنطن، كثيرا لشراء البنزين ومنتجات الألبان وغيرها من السلع الأساسية التي عادة ما تكون أرخص عبر الحدود، ولكن الصراع التجاري والدبلوماسي الذي بدأه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع جار أمريكا الشمالي يدفع المزيد من الكنديين إلى البقاء في وطنهم.

أثارت مقاطعتهم قلق أصحاب الأعمال في بلين ومنطقة واتكوم المحيطة، متسائلين عن المدة التي يمكن أن يصمد فيها اقتصاد المنطقة مع انخفاض عدد الزوار من بريتش كولومبيا لتغذيته.

وقال مايك هيل، الذي يدير محطة وقود شيفرون في بلين، التي يبلغ عدد سكانها 6200 نسمة: “لا يوجد أحد هنا”، وأضاف أن مبيعات البنزين انخفضت بنسبة 40% إلى 50% في الأشهر القليلة الماضية، وحتى صناديق القمامة بجوار المضخات نادرا ما تحتاج إلى تفريغ، وقال هيل: “إنه لأمر جنوني.. الكنديون مثل إخوتنا وأخواتنا مع وجود هذه الحدود بيننا”.

وكان الفحم والذهب والأخشاب يجذب الآلاف إلى المنطقة في السابق، لكن وعود التوفير تجذب المتسوقين إليها الآن، إذ يمكن للكنديين تجنب رسوم الشحن الدولية من خلال توصيل مشترياتهم عبر الإنترنت إلى صناديق البريد ومتاجر الطرود في بلين والمدن الحدودية المجاورة، ولكن حركة العبور من كندا انخفضت بشكل حاد وسط الأزمة السياسية، ولم تُساعد أسعار الصرف الأخيرة، وقال توم ميلز: “أنا غاضب من إدارة ترامب لمعاملتهم المتغطرسة والعنيفة لنا”، وأضاف المدرس الجامعي المتقاعد من فانكوفر أنه زار الولايات المتحدة ست مرات العام الماضي، لكنه اختار عدم زيارة صديق مريض في ولاية أوريغون قبل بضعة أسابيع.

وكانت تلك الرحلة ستشمل تزويد سيارته بالوقود الأمريكي، وتناول وجبات الإفطار في مطعم بلين ومطعم مكسيكي في بيلينجهام، عاصمة منطقة واتكوم وأكبر مدنها.

وقال ميلز: “يحزنني أن العديد من العمال والشركات قد يعانون من أفعالنا، لكننا سنبذل قصارى جهدنا لتجنب دعم الولايات المتحدة، وخاصة نظام ترامب، حتى يتوقف هذا الهراء العدائي”، وقد تجاهلت إدارة ترامب المخاوف بشأن تراجع النشاط الاقتصادي عبر الحدود، وأفاد متحدث باسم البيت الأبيض: “إن أجندة الرئيس ترامب لجعل أمريكا ثرية وآمنة وجميلة من جديد تعود بالنفع على الأمريكيين والزوار الدوليين على حد سواء”، مضيفا أن سياساته “تساعد الشركات الصغيرة والأسر في جميع أنحاء البلاد”.

وقد انخفضت حركة مرور المركبات الكندية الداخلة إلى الولايات المتحدة عبر معابر منطقة واتكوم الثلاثة بمقدار 65,000 مركبة في الأسابيع الثلاثة الأولى من مارس، أي أقل بنحو 42% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأكثر حدة من الانخفاض الذي بلغ 30% في فبراير، وفقا لمعهد أبحاث سياسات الحدود بجامعة غرب واشنطن، وصرحت لوري تراوتمان، مديرة المعهد: “عادة ما يكون هناك شخصان لكل سيارة، ما يمثل أكثر من 100,000 زيارة مفقودة”.

وقالت مارثا بيرموديز، مالكة متجر بيلا بوتيك آند كونسيجنمنت في وسط مدينة بلين، إن المبيعات انخفضت بأكثر من النصف، “متجاوزة بكثير التباطؤ المعتاد في فصل الشتاء”، وهي تعلم أن العديد من المتسوقين الأمريكيين ينفقون بحذر أكبر، لكنها قالت إنها لم تدرك عدد زبائنها الكنديين “حتى بدأوا في الاختفاء”.

وأضافت بيرموديز أنه إذا لم تتحسن الأمور قريبا، “فقد لا نتمكن من إبقاء أبوابنا مفتوحة”، وفي الجوار، قالت ساربي باينز، صاحبة متجر “بلاين بوكيتس آند جيفتس”، إن الأعمال انخفضت بنسبة 30% إلى 40%، وأضافت: “كان لديّ عدد كبير من الزوار الكنديين، لكن لا يوجد لدينا أي زوار حاليا”.

وأوضح كارول سولومون، سكرتير غرفة التجارة المحلية، أن بعض الكنديين ما زالوا يزورون مركز زوار بلين، لكنهم غالبا ما يأتون لاستخدام دورات المياه العامة.

ويُجبر المقاطعون الكنديون بعض أصحاب الأعمال في ولاية واشنطن على تحمل مسؤولياتهم أمام صانعي القرار في واشنطن العاصمة، وقالت تيري تريت، الشريكة الإدارية في فندق “ذا إن آت ليندن”: “إن هذا الفندق، الذي يضم 35 غرفة، ويقع على بُعد حوالي 15 ميلا جنوب شرق بلين، في بلدة تشتهر بتراثها وعمارتها الهولندية، شهد ارتفاعا حادا في إلغاءات الحجوزات من قِبَل الكنديين”.

كما انخفضت الحجوزات في فندق هوليداي إن آند سويتس في مطار بيلينجهام بشدة أيضا، حيث انخفضت إيرادات الربع الأول بنسبة 28% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا للمديرة العامة ميغان أوفريدي، وأضافت: “بدأنا نشهد انخفاضا في عدد الزوار أولا مع انخفاض سعر الصرف بشكل كبير، ثم شهدنا انخفاضا آخر مع بدء تغير المناخ السياسي”.

وأضافت أوفريدي: “بدأنا نشهد اتجاهات سلبية مماثلة لتلك التي جلبها كوفيد إلى هذا القطاع قبل خمس سنوات، وإن التفكير في إمكانية العودة إلى هذا الاتجاه بعد التعافي أخيرا من الجائحة يُثير قلقنا جميعا”.

ويشعر مسؤولو السياحة في المنطقة بالقلق، لكنهم متفائلون بأن الفعاليات الكبرى التي ستُقام في وقت لاحق من هذا العام ستحافظ على جاذبيتها العابرة للحدود.

وأعرب ديلان دين-بويل، رئيس هيئة السياحة في منطقة بيلينجهام واتكوم عن أمله في أن تتغلب “الصداقة الطويلة والغنية التي تجمع المنطقة ببريتش كولومبيا، والمبنية على الجغرافيا المشتركة والاحترام والثقة”، على الخلافات الدولية، وأضاف: “نريد أن يعلم أصدقاؤنا في كندا أن مجتمعنا سيستقبلهم دائما بحفاوة بالغة، ونحن نتفهم الوضع ونأمل أن يعودوا متى شعروا بالاستعداد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!