أخبارالحياة في كندا

لماذا تتراجع كندا في تصنيفات السعادة العالمية؟

في مفاجأة تُثير التساؤلات، تراجعت كندا ثلاثة مراكز في تقرير السعادة العالمي لعام 2025، لتحتل المرتبة الثامنة عشرة، مُسجلةً بذلك أحد أشد الانخفاضات بين الدول الغربية خلال العقدين الماضيين.

فبعد أن كانت تحتل المركز الخامس عالميا في 2015، هبطت الآن إلى أدنى تصنيف لها منذ بدء إصدار التقرير عام 2005، في تراجعٍ يُضاهي ما تشهده دول مثل الولايات المتحدة (المركز 24) والمملكة المتحدة (المركز 23).

ما وراء الثروة: مفارقة الرفاهية الكندية:

رغم تصدُّر كندا مؤشرات اقتصادية مثل الناتج المحلي الإجمالي (المركز 16) ومكافحة الفساد (المركز 15)، تكشف الأرقام عن نقاط ضعف هيكلية:

  • المركز 35 في الدعم الاجتماعي.
  • المركز 68 في حرية اتخاذ القرارات الحياتية، حيث يعبّر 18% من الكنديين عن عدم رضاهم عن حريتهم في تشكيل حياتهم.

تُظهر هذه الفجوة أن الرخاء المادي لا يُترجم تلقائيا إلى سعادة مجتمعية، خاصةً مع تزايد إحساس الشباب بالعجز أمام تحديات مثل:

  • ارتفاع تكاليف السكن.
  • غياب اليقين الوظيفي.
  • انهيار الصعود الاجتماعي رغم الجهد الفردي.

الشباب: الجيل الأقل سعادةً:

وفق تقرير السعادة الكندي 2024، يشهد من هم دون الـ30 عاما تراجعا حادا في جودة الحياة مقارنة بالأجيال السابقة.

يوضح فيليكس تشيونغ، الباحث بجامعة تورنتو والمشارك في إعداد التقرير، أن الشباب يواجهون “عقبات هيكلية” تحول دون تحقيق طموحاتهم، مُشيرا إلى أن “العمل الجاد لم يعد ضمانا للنجاح”، ما يُنذر بتحولات عميقة في العقد الاجتماعي الكندي.

العلاقات الإنسانية: المفتاح المفقود:

تكشف البيانات أن الروابط الاجتماعية هي العامل الأكثر إهمالا في معادلة السعادة الكندية:

  • تحتل كندا المركز 53 عالميا في عدد الوجبات المشتركة أسبوعيا (8.4 وجبة في المتوسط).
  • 80% من المحافظ المفقودة في تورنتو يتم إرجاعها، بينما يتوقع 23% فقط من السكان استردادها، مما يكشف عن تشاؤم مبالغ فيه تجاه نوايا الآخرين.

تُظهر هذه المفارقة أن انعدام الثقة بين الأفراد – رغم وجودها على أرض الواقع – يُغذي الشعور العام بالعزلة.

دروس من القمة: كيف تفوقت فنلندا وكوستاريكا؟

بينما تتراجع كندا، تحتل فنلندا صدارة التقرير للعام الثامن توالياً، تليها الدنمارك وأيسلندا والسويد.

لكن المفاجأة الأكبر كانت صعود دول مثل كوستاريكا والمكسيك إلى المراكز العشرة الأولى، مما يؤكد أن السعادة ليست حكرًا على الدول الغنية.

يُلخص جون كليفتون، الرئيس التنفيذي لمؤسسة غالوب، فلسفة هذه الدول:

“السعادة تُبنى على الثقة في المجتمع، والقدرة على التواصل، والشعور بأن هناك مَن يدعمك”.

خريطة طريق لكندا: من الثروة إلى الرفاه:

لوقف هذا التدهور، تحتاج كندا إلى إعادة تعريف أولوياتها، عبر:

  1. تعزيز الدعم الاجتماعي عبر سياسات تُسهل الوصول إلى السكن وتُقلص الفجوة بين الأجيال.
  2. تمكين الأفراد من خلال إصلاحات تعليمية واقتصادية تزيد من إحساس الشباب بالسيطرة على مستقبلهم.
  3. إحياء الروابط المجتمعية بخلق مساحات للتفاعل الإنساني ودعم المبادرات التي تعزز الثقة المتبادلة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!