
أثارت دراسة حديثة نُشرت في مجلة “Nutrients” تساؤلاتٍ حول الاعتقاد السائد بأن الدجاج هو الخيار الأمثل للحصول على بروتين صحي، حيث كشفت عن ارتباط مُقلق بين الاستهلاك المرتفع للدواجن وزيادة خطر الوفاة المبكرة، خاصة بسرطانات الجهاز الهضمي.
أجرى البحث فريق من المعهد الوطني لأمراض الجهاز الهضمي في إيطاليا، بناءً على متابعةٍ استمرت 19 عامًا لـ 4,869 مشاركا بالغا، بهدف تحليل العلاقة بين أنماط تناول اللحوم والصحة العامة.
ووجد الباحثون أن الأفراد الذين يتناولون أكثر من 19 لقمة (حوالي 300 غرام) من الدجاج أسبوعيا – أي ما يعادل أربع حصص – كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 27% مقارنةً بمن يستهلكون أقل من 100 غرام.
كما ارتفع خطر الوفاة بسرطانات الجهاز الهضمي إلى الضعف لدى هذه الفئة، مع تفاقم الخطر لدى الرجال تحديدا، حيث بلغت النسبة 2.6 ضعفا مقابل 2.27 ضعفا لدى عموم المشاركين.
ورغم عدم وضوح السبب الدقيق، طرح الباحثون فرضياتٍ عديدة، منها:
-
تكوين مواد مسرطنة أثناء الطهي: قد يؤدي الإفراط في طهي الدجاج (مثل الشوي أو القلي على درجات حرارة عالية) إلى إنتاج مركبات كيميائية كـ الأمينات الحلقية غير المتجانسة (HCAs)، والتي ترتبط بتلف الحمض النووي.
-
تأثيرات التربية الصناعية: أشارت دراسات سابقة إلى احتمالية احتواء لحوم الدواجن على مُتبقيات من مبيدات حشرية أو هرمونات مُضافة إلى العلف، والتي قد تتراكم في الجسم بمرور الوقت.
-
اختلافات في التركيبة الغذائية: كشفت مقارناتٌ أجرتها وزارة الصحة الكندية أن بعض قطع الدجاج تحتوي على نسبة دهون مشبعة مماثلة أو أعلى من لحم البقر، مما يُضعف ادعاءات تفوقها الصحي المطلق.
الفروقات بين الجنسين والهرمونات:
أظهرت النتائج تفاوتا لافتا في التأثير بين الرجال والنساء، حيث سجل الذكور خطرا أعلى بنسبة 30% للوفاة المبكرة مقارنةً بالإناث عند استهلاك الكميات نفسها.
ورغم عدم تحديد آلية بيولوجية واضحة، افترض الباحثون أن الهرمونات الجنسية (كالإستروجين لدى النساء) قد تلعب دورا في تعديل عملية التمثيل الغذائي للعناصر الضارة أو الحماية من آثارها، استنادا إلى أبحاثٍ سابقة على القوارض.
اعتمدت الدراسة على جمع بيانات المشاركين عبر مقابلاتٍ شخصية لتقييم الحالة الصحية والعادات الحياتية، بالإضافة إلى استبيان مفصل عن النظام الغذائي شمل كمية اللحوم الحمراء والبيضاء المستهلكة.
وخلال فترة المتابعة، توفي 1,028 مشاركا، مع تسجيل اللحوم البيضاء (الدواجن) نسبة 41% من إجمالي استهلاك اللحوم لدى المتوفين، مقابل 59% للحوم الحمراء.
وأكد الباحثون أن النتائج لا تعني إلغاء القيمة الغذائية للدجاج، بل تدعو إلى توخي الحذر في الكميات وطرق التحضير.
كما أشاروا إلى صعوبة عزل تأثير الدواجن تمامًا عن عوامل أخرى مثل التدخين، والنشاط البدني، أو الاستهلاك المتزامن لأطعمة أخرى قد تسهم في الأمراض.