متى أصبحت تكاليف السكن في كندا باهظة الثمن إلى هذا الحد – ومن المسؤول عن ذلك؟

تعد أزمة ارتفاع أسعار المساكن في كندا من القضايا المعقدة التي تُثير تساؤلات حول العوامل المسؤولة عن هذا الارتفاع المستمر.
تشمل الأسباب الأكثر تداولًا: القوانين التقييدية لتقسيم المناطق، والزيادة السكانية السريعة، وبطء إجراءات منح تصاريح البناء، وارتفاع رسوم التطوير العقاري، وركود الأجور مقابل التضخم، والسياسات النقدية للبنك المركزي.
لكن لفهم جذور الأزمة، يجب تحديد نقطة التحول التاريخية التي دفعت السوق إلى مسار الأسعار غير المُستدام.
متى انحرفت كندا عن مسار “القدرة على تحمل التكاليف”؟
يُقاس الوضع الصحي لسوق الإسكان عادةً عبر نسبة متوسط سعر المسكن إلى الدخل السنوي. عند مقارنة هذه النسبة بين كندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة على مدى 50 عامh، تظهر النتائج التالية:
-
الولايات المتحدة: ظلت النسبة بين 6 إلى 9 أضعاف الدخل منذ السبعينيات، مع ذروات عند 9 مرات في أعوام 1980 و2006 و2022، تليها تصحيحات سريعة.
-
كندا: التزمت بنفس النطاق حتى عام 2007، لكن منذ ذلك الحين، شهدت النسبة ارتفاعًا متواصلًا:
-
9 أضعاف الدخل في 2007.
-
10 أضعاف في 2015.
-
12 ضعفا في 2016.
-
16 ضعفا في 2022.
-
2007-2008: سنوات التحول الجذري:
تشير البيانات إلى أن عامي 2007 و2008 شكلا نقطة التحول الحاسمة، حيث بدأت أسعار المساكن في الارتفاع بشكل غير مسبوقK ,يعود هذا التحول إلى عاملين رئيسيين:
1. السياسة النقدية التوسعية بعد الأزمة المالية العالمية:
-
خفض بنك كندا أسعار الفائدة إلى ما يقارب الصفر% عام 2009، استجابة للأزمة المالية العالمية، واستمر في هذه السياسة لسنوات.
-
على عكس الولايات المتحدة التي شهدت انهيارًا عقاريًا عام 2008، لم تتأثر كندا بنفس الحدة، مما سمح بزيادة الطلب دون تصحيح.
2. طفرة الاستثمار العقاري المضارب:
-
شجعت أسعار الفائدة المنخفضة الأفراد والمستثمرين على الاقتراض بسهولة، مما أدى إلى:
-
شراء مساكن متعددة بمدفوعات أولى صغيرة.
-
تحويل العقارات إلى أداة استثمارية بدلًا من كونها سلعة أساسية.
-
ارتفاع الطلب بشكل مصطنع، خاصة في المدن الكبرى مثل تورونتو وفانكوفر.
-
عوامل تفاقم الأزمة:
1. قيود العرض:
-
تقسيم المناطق (Zoning): تفرض العديد المدن قيودًا على بناء الأبراج السكنية أو الوحدات متعددة الاستخدامات، مما يحد من المعروض.
-
بطء إصدار التصاريح: تعقيد الإجراءات البيروقراطية يؤخر تنفيذ المشاريع السكنية لسنوات.
-
ارتفاع رسوم التطوير: تفرض الحكومات المحلية رسومًا مرتفعة على المطورين، تُحوَّل في النهاية إلى زيادة أسعار الوحدات السكنية.
2. عوامل ديموغرافية واقتصادية:
-
النمو السكاني: تستقبل كندا أكثر من 500 ألف مهاجر سنويh، بينما لا يواكب بناء الوحدات السكنية هذا النمو.
-
ركود الأجور: لم ترتفع دخول الأسر بنفس سرعة ارتفاع تكاليف المعيشة والعقارات.
النتائج المترتبة:
-
ارتفاع مديونية الأسر: أصبح الكنديون يحملون أعلى معدل ديون شخصية بين اقتصادات مجموعة العشرين، حيث تجاوزت الديون 180% من الدخل السنوي.
-
تآكل القدرة الشرائية: اضطر جيل الشباب إلى تأجيل شراء المساكن، أو الاعتماد على دعم الأسرة، أو الهجرة إلى مدن أصغر.
-
تفاقم عدم المساواة: استفاد ملاك المساكن القدامى من ارتفاع القيم، بينما تُرك الجيل الجديد خارج السوق.
هل كانت السياسة النقدية “الدواء الخطأ”؟
يرى الخبراء مثل حنيف بيات (مؤسس منصة WOWA.ca المالية) أن خفض الفائدة كان ضروريا لإنقاذ الاقتصاد عام 2008، لكن استمرار هذه السياسة لسنوات أشعل أزمة جديدة.
فبدلا من تحفيز الإنتاجية أو زيادة العرض السكني، أدت الفترة الطويلة لأسعار الفائدة المنخفضة إلى:
-
تشوهات في سوق العقارات.
-
تحويل الاستثمارات إلى المضاربة بدلًا من القطاعات الإنتاجية.
-
خلق فقاعة عقارية يصعُب احتواؤها دون أضرار اجتماعية.
الحلول المقترحة:
لإعادة التوازن إلى السوق، يجب الجمع بين:
-
زيادة العرض السكني: عبر تبسيط إجراءات التصاريح، وتعديل قوانين تقسيم المناطق.
-
رفع أسعار الفائدة تدريجيا: لتبريد الطلب المضارب.
-
تحفيز قطاعات اقتصادية بديلة: لتقليل الاعتماد على العقار كمحرك للنمو.
-
سياسات دعم شاملة: مثل الإسكان الاجتماعي وبرامج الدعم المباشر للشباب.
- اقرأ أيضاً: 10 دول تتصدر العالم في طول العمر.. فما أسرار سكانها؟
- 7 بلدان بينها دولة عربية تقدم تأشيرات الباحثين عن عمل لعام 2025 .. وإليكم الشروط