نهاية عصر الجوازات الذهبية .. مالطا تُغلق باب بيع الجنسية بقرار قضائي أوروبي

بعد اثني عشر عاما، يخوض الناشط المالطي مانويل ديليا معركته ضد برنامج حكومة مالطا المثير للجدل، الذي يمنح الجنسية للأثرياء الأجانب مقابل استثمارات مالية.
لكنه لم يتوقع أن تحسم محكمة العدل الأوروبية الأمر في 29 أبريل 2024 بقرارٍ تاريخي يُجبر مالطا على وقف بيع “جوازات السفر الذهبية”.
“صرختُ من الفرح”، يقول ديليا لـ DW، مُعترفا بأنه توقع هزيمةً في القضية، خاصة بعد رأي المحامي العام للمحكمة الأوروبية في أكتوبر 2023 الذي أيد موقف مالطا.
ديليا، المدير التنفيذي لمنظمة “ريبوبليكا” المناهضة للفساد، يُعد أحد أبرز الأصوات التي كشفت مخاطر هذا البرنامج، مستلهمًا نضالات زميلته الصحفية دافني كاروانا غاليزيا، التي اغتيلت عام 2017 بسبب تحقيقاتها في الفساد الحكومي.
مالطا: آخر معاقل “بيع الجنسية” في أوروبا:
ظلت مالطا الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تُقدم جوازات سفر مقابل الاستثمار، بعد توقف برامج مماثلة في بلغاريا وقبرص.
لكن حكم المحكمة الأوروبية أقر بأن منح الجنسية دون وجود “صلة حقيقية” بين المستثمر والدولة يُحولها إلى “صفقة تجارية”، مُعتبرًا ذلك انتهاكا لمبدأ التضامن بين دول الاتحاد.
الاستثمارات الوهمية وإشكالية الإقامة:
كشف ديليا ومنظمة دافني كاروانا غاليزيا عن ثغرات خطيرة في البرنامج. فبيانات عام 2022 أظهرت أن 90% من المستفيدين صينيون، بينما تُشير سجلات التعداد إلى أن أعداد الصينيين المقيمين فعليا في مالطا أقل بكثير، مما يؤكد أن الجنسية مُجرد “تذكرة دخول” إلى أوروبا دون التزام بالإقامة.
كما لاحظ الناشطون أن بعض العقارات المُشتراة ضمن البرنامج غير صالحة للسكن، مما يطرح تساؤلات حول مصداقية التدقيق الحكومي.
ردود فعل متباينة بعد الحكم:
رئيس وزراء مالطا، روبرت أبيلا، دافع عن البرنامج مُشيرا إلى أنه جلب للبلاد 1.4 مليار يورو، ووعد بإعادة صياغته وفقا لتوجيهات المحكمة.
لكن المنظمات الحقوقية، مثل “الشفافية الدولية”، حذّرت من استمرار الثغرات عبر برامج “التأشيرات الذهبية” التي تمنح إقامات طويلة مقابل الاستثمار، وتُسهل الوصول إلى منطقة شنغن.
الاتحاد الأوروبي: مخاوف أمنية واقتصادية:
أكّد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، ماركوس لاميرت، أن برامج بيع الجنسية أو الإقامة تُشكل تهديدًا أمنيًا، وتُسهل غسيل الأموال والتهرب الضريبي.
وتُظهر بيانات “هينلي وشركاه” أن 14 دولة أوروبية لا تزال تقدم “إقامات استثمارية”، ما يُبقي الباب مفتوحًا أمام الأثرياء لشراء امتيازات تنقل وحياة في أوروبا، رغم إغلاق باب الجنسية المالطية.
ورغم أن قرار المحكمة خطوةٌ مهمة، إلا أن ديليا يرى أن المعركة لم تنتهِ. فالقضاء على الفساد يتطلب مراقبة صارمة لبرامج الإقامة، وضمان ألا تتحول الجنسية الأوروبية إلى سلعةٍ في أيدي النخبة المالية العالمي.
- اقرأ أيضاً: مدينتان عربيتان في القائمة .. أكثر 10 مدن العالم زيارة في عام 2025 بحسب Euromonitor
- 5 أسباب تدفعك إلى تجنب زيارة أفضل الوجهات الأوروبية هذا الصيف