أخبار

بنك كندا يحذر من زيادة المخاطر: الحرب التجارية زعزعت تقدم الاستقرار المالي

أكد بنك كندا، يوم الخميس، أن الوضع المالي للأسر والشركات الكندية كان يظهر مؤشرات تحسن ملحوظة حتى بدأت الولايات المتحدة حربا تجارية أدت إلى تعقيد المشهد.

وأوضح البنك المركزي، في تقريره الأخير حول الاستقرار المالي، أن الأسر الكندية كانت، في مطلع العام، أقل مديونية مقارنة بدخلها مما كانت عليه في العام السابق، وتراجعت طلبات الإفلاس المقدمة من الشركات بشكل كبير.

من جانبه، قال محافظ بنك كندا، تيف ماكليم، في تصريحات مرفقة بالتقرير: “واجه النظام المالي للبلاد صدمات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، وأثبت قدرته على الصمود”.

وتابع: “الخطوات الاستباقية التي اتخذتها الأسر والشركات، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة بشكل كبير، عززت متانة النظام المالي مع دخولنا عام 2025”.

كما حذر ماكليم من أن الحرب التجارية التي أثارتها الولايات المتحدة زادت من المخاطر بشكل عام، موضحا: “الاقتصاد الكندي ونظامه المالي يواجهان تهديدا جديدا، والسياسة التجارية الأمريكية اتخذت منعطفا حمائيا حادا، ما أدى إلى تراجع كبير في آفاق النمو الاقتصادي العالمي”.

وأردف قائلا إن “حربا تجارية طويلة الأمد تمثل أكبر تهديد للاقتصاد الكندي”، محذرا من تقلبات السوق على المدى القريب، ومن مخاطر أكبر على المدى المتوسط تشمل تراجع النمو وارتفاع معدلات البطالة.

ولفت البنك إلى حالة من الغموض الكبير بشأن مستقبل الرسوم الجمركية، وحذر من أنه في حال استمرارها لفترة طويلة، قد يشهد الكنديون مستويات من التخلف عن سداد الرهون العقارية لم تُسجَّل منذ جيل كامل.

وفي سيناريو يطرحه البنك “موضحا أنه ليس توقعا”، قد تتجاوز حالات التعثر عن السداد نسبة 0.5%، وهو ما يفوق ما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2008-2009، لكنه يظل أدنى من النسبة التي تجاوزت 0.6% في تسعينيات القرن الماضي.

وعلى الرغم من أن الدعم الحكومي قد يخفف من حدة التأثيرات، فإن حجم ذلك الدعم ومدى انتشاره ما زالا غير واضحين حتى الآن.

كما أدرج التقرير اختبار أجراه صندوق النقد الدولي على النظام المالي الكندي، تضمن سيناريو أكثر تطرفا.

وفي حين يتوقع بنك كندا في سيناريوه الخاص ركودا يمتد لأربعة فصول، على غرار أزمتي 2008-2009 و1990-1991، يختبر سيناريو الصندوق ركودا يمتد لسبعة فصول.

ويتوقع الصندوق، في هذا السيناريو، انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.1%، وارتفاع البطالة إلى 9.2%، وتراجع أسعار المنازل بنسبة 26%، وأسواق الأسهم بنسبة 36% من الذروة إلى القاع.

وهذا يتناقض بشكل حاد مع الصورة المالية التي كانت واعدة في بداية العام.

وأوضح بنك كندا أن المخاوف من موجة تجديد الرهون العقارية بأسعار فائدة أعلى، التي تصاعدت في السنوات الأخيرة، باتت أقل حدة مما كانت عليه في نهاية عام 2023، بفضل الانخفاض الحاد في أسعار الفائدة خلال 2024، ما يعني أن الزيادات المتوقعة في المدفوعات لن تكون بالحدة التي كانت متوقعة سابقا.

كما يتوقع البنك حاليا ارتفاعا متوسطا بنحو 8% عند التجديد في 2025، و5% في 2026، مقارنة بأكثر من 14% و11% على التوالي في تقرير الاستقرار المالي للعام الماضي.

وذكر البنك أن العديد من أصحاب المنازل شهدوا زيادات في دخولهم وارتفاعا في قيم العقارات، ما أدى إلى تراجع نسبة ديون الأسر إلى الدخل المتاح إلى 173% في نهاية 2024، مقارنة بـ179% في نهاية 2023.

أما الشركات غير المالية، فأكد البنك أنها لا تزال في حالة صحية جيدة من الناحية المالية، مشيرا إلى أن الارتفاع في حالات الإفلاس بعد انتهاء برامج الدعم الحكومي كان قصير الأجل.

ومع أن انخفاض أسعار الفائدة ساعد على تعزيز مرونة الشركات وأصحاب الرهون العقارية، فإن الأسر التي لا تمتلك رهونا عقارية ما زالت تُظهر علامات متزايدة من الضغط الاقتصادي.

وبيّن التقرير أن معدلات التأخر عن السداد لأكثر من 60 يوما في بطاقات الائتمان وقروض السيارات تجاوزت المستويات التي كانت قبل الجائحة، وارتفعت فوق المتوسطات التاريخية، على عكس الأسر التي تمتلك رهونا عقارية، حيث بقيت حالات التأخر عن السداد دون المتوسطات التاريخية.

وأكد البنك أن الكنديين، بشكل عام، لا يزالون يتحملون مستويات مرتفعة من الديون مقارنة بالمعايير التاريخية، ما يزيد من المخاطر إذا استمرت الحرب التجارية، خاصة لأولئك الأكثر تعرضا للتجارة.

كما قال البنك إن القروض الممنوحة للأسر أو الشركات في القطاعات أو المناطق الحساسة تجاريا تمثل نحو 15% من أصول البنوك الكندية، محذرا من أن تباطؤ الاقتصاد قد يؤثر على نطاق أوسع من الصناعات والعمال.

وختم البنك بالإشارة إلى أن البنوك الكندية تتمتع بموقف قوي يمكّنها من امتصاص الخسائر الأكبر بفضل احتياطيات رأس المال المرتفعة والمخصصات الموضوعة لمواجهة خسائر الائتمان، مضيفا أن النظام المالي ككل لا يزال متينا، لكنه يتطلب اليقظة في ظل المخاطر القائمة.

وقال ماكليم: “هناك العديد من الشكوك.. لا نزال لا نعرف ما إذا كانت التعريفات الجمركية ستظل قائمة أو سيتم تخفيضها أو تصعيدها، ولا نعلم مدة استمرار هذا الوضع.. وهذا يجعل من الصعب بشكل خاص التنبؤ بالمخاطر التي قد يتعرض لها النظام المالي”.

اقرأ أيضا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!