كيف تتعامل شركات الطيران مع حالات الولادة على متن الطائرة؟ وعلى أي أساس تحدد جنسية المولود؟

في حادثة نادرة ولكنها ليست غير مسبوقة، شهدت رحلة رايان إير (FR4797) المتجهة من بروكسل شارلروا (CRL) إلى كاستيلون (CDT) ولادة طفلة على ارتفاع 18,000 قدم، مما استدعى هبوطا غير مجدول في مطار ليموج، فرنسا (LIG) في 8 مايو 2025.
كانت الطائرة، وهي من طراز بوينغ 737-800، قد أقلعت من بروكسل في الساعة 13:30 بتوقيت UTC، لكنها غيرت مسارها بشكل طارئ بعد حدوث الولادة المفاجئة فوق وسط فرنسا.
وهبطت الطائرة بسلام في مطار ليموج عند الساعة 12:35 بتوقيت UTC، حيث كانت فرق الطوارئ بانتظار الأم والمولودة لتقديم الرعاية الطبية اللازمة.
وتُعد هذه الحالة جزءا من سلسلة متزايدة من الولادات التي تحدث على متن الرحلات التجارية، مما يطرح تساؤلات حول كيفية استعداد شركات الطيران للتعامل مع هذه المواقف الطارئة وغير المتوقعة.
وفي هذا المقال، سنتناول كيف تتعامل شركات الطيران مع حالات الولادة أثناء الطيران، بدءا من الإجراءات الطبية المتبعة على متن الطائرة، وصولا إلى التعقيدات القانونية المتعلقة بمنح الجنسية للمولود.
كيف تتعامل شركات الطيران مع حالات الولادة أثناء الرحلات الجوية؟
تُعد شركات الطيران طواقم الرحلات بشكل مكثف للتعامل مع الحالات الطبية الطارئة، بما في ذلك الولادة، فعندما تبدأ راكبة في المخاض، يقوم طاقم المقصورة بتنفيذ بروتوكولات استجابة محددة تهدف إلى ضمان سلامة الأم والمولود.
تبدأ العملية بتقييم سريع للحالة، ويقوم أفراد الطاقم بتقييم حالة الراكبة وتحديد مدى قرب الولادة.
وإذا بدا أن الولادة قد تحدث قبل أن تتمكن الطائرة من الهبوط، يقوم الطاقم بإبلاغ الطيارين، الذين قد يقررون تحويل مسار الرحلة إلى أقرب مطار يضم مرافق طبية مناسبة.
ويستخدم طاقم الطائرة نظام تواصل منظم يُعرف بـ NITS خلال هذه الحالات الطارئة:
- طبيعة المشكلة (راكبة في حالة مخاض)
- نوايا الطاقم (احتمال تحويل مسار الرحلة)
- الوقت المتاح (التوقيت المقدر للوصول إلى أقرب مطار مناسب)
- التعليمات الخاصة (تحضير المقصورة، طلب المساعدة الطبية)
ويضمن هذا الإطار تواصلا واضحا بين قمرة القيادة والمقصورة في الحالات غير الروتينية مثل الولادات أثناء الطيران.
وعندما لا يتواجد أطباء أو مختصون طبيون بين الركاب، يتولى طاقم المقصورة مسؤولية الولادة، ويقومون بتهيئة منطقة خاصة مؤقتة، عادة في المطبخ الخلفي للطائرة، ويستخدمون حقيبة الطوارئ الطبية الموجودة على متن الطائرة، والتي تحتوي على قفازات وأغطية وأدوات طبية أساسية.
وبعد الولادة، يقوم الطاقم بمراقبة حالة الأم والطفل، مع الحرص على الحفاظ على دفئهما واستقرارهما حتى هبوط الطائرة، حيث يتولى الطاقم الطبي الأرضي تقديم الرعاية اللازمة.
وتطلب شركة الطيران توثيقا مفصلا للحادثة، يشمل الإجراءات التي تم اتخاذها والنتائج التي لوحظت.
الجنسية للمواليد أثناء الطيران
على الرغم من الاعتقاد الشائع، فإن الأطفال الذين يولدون أثناء الطيران نادرا ما يحصلون على جنسية الدولة التي كانت الطائرة تحلق في أجوائها وقت الولادة. الواقع القانوني أكثر تعقيدا، ويعتمد على عدة عوامل تحدد الجنسية.
وهناك عدة مبادئ توجه منح الجنسية للمواليد أثناء الرحلات الجوية:
-
جنسية الوالدين
تتبع معظم الدول مبدأ “حق الدم”، حيث تُمنح الجنسية بناء على جنسية الوالدين بغض النظر عن مكان الولادة، ويعد هذا المبدأ هو الأكثر شيوعا والأسهل في منح الجنسية للأطفال الذين يولدون أثناء الرحلات الجوية.
-
تسجيل الطائرة
تحمل كل طائرة جنسية الدولة التي تم تسجيلها فيها، ويصبح هذا العامل مهما بشكل خاص في الحالات التي قد يبقى فيها الطفل بلا جنسية، أي عندما لا ينطبق مبدأ جنسية الوالدين أو مبدأ الإقليم.
-
المجال الجوي الإقليمي
بعض الدول تطبق مبدأ “حق الأرض” على مجالها الجوي الإقليمي، مما قد يمنح الجنسية لأي طفل يولد ضمن هذه الحدود.
بالنسبة للمواليد الذين تحدث ولادتهم فوق المياه الدولية، خارج المجال الجوي لأي دولة، فقد تحدد جنسية الطائرة المسجلة الجنسية، ولكن فقط إذا لم يكن هناك أساس لمنح الجنسية من خلال جنسية الوالدين أو المبادئ الإقليمية.
وتظل هذه الحالات نادرة للغاية، حيث أن قوانين الجنسية لمعظم الدول تعالج هذه الحالات بشكل كافٍ عبر نسب الوالدين أو حقوق الأراضي.
سياسات شركات الطيران
تتبع معظم شركات الطيران سياسات تقيد سفر النساء في مراحل الحمل المتقدمة، فعادة ما يُمنع السفر بعد الأسبوع 36 من الحمل في حالات الحمل بطفل واحد، بينما يُفرض الحظر في وقت أبكر عند الحمل بتوأم أو أكثر.
وعلى الرغم من هذه الاحتياطات، تحدث حالات ولادة غير متوقعة أحيانا، إما بسبب المخاض المبكر أو تقدير غير دقيق لتاريخ الولادة.
لذلك، تعمل شركات الطيران باستمرار على تحسين برامج تدريبها لتأهيل أفراد الطاقم لمواجهة هذه الحالات النادرة ولكن المهمة.
وتشكل الولادات على ارتفاع الطيران تحديات طبية فريدة تشمل:
- انخفاض ضغط المقصورة
- محدودية المعدات الطبية
- ضيق المساحة
- احتمال تعرض الطائرة للاضطرابات الجوية