الانتخابات الكندية 2025: من قد يفوز وما مدى تأثير دونالد ترامب؟

ستتوجه كندا إلى صناديق الاقتراع في 28 أبريل لاختيار رئيس وزراء جديد.
أعلن مارك كارني، المحافظ السابق لبنك إنجلترا، عن إجراء انتخابات مبكرة في 23 مارس بعد أن حل محل جاستن ترودو في رئاسة الحزب.
وكان قد غادر ترودو منصبه بعد تزايد الدعوات من نوابه للتنحي وسط نتائج ضعيفة في استطلاعات الرأي.
وفي حين بدت الانتخابات القادمة دائما سباقا محتدما بين المحافظين المعارضين، الذين كانوا يتمتعون بتقدم بفارق كبير على الليبراليين قبل استقالة ترودو، إلا أنها تحولت إلى سباق أكثر تنافسا على خلفية حرب تجارية مع الولايات المتحدة وتهديدات دونالد ترامب بضم كندا إلى أمريكا.
وفيما يلي كل ما تحتاج لمعرفته مع احتدام المنافسة على منصب رئيس وزراء كندا القادم.
ما هي الأحزاب السياسية المتنافسة؟
هناك أربعة أحزاب سياسية رئيسية في كندا: الليبرالي، والمحافظ، والحزب الديمقراطي الجديد، والكتلة الكيبيكية.
ومن بين هذه الأحزاب، اثنان فقط – الليبراليون والمحافظون – لديهما فرصة الحصول على 172 مقعدا اللازمة لتشكيل حكومة أغلبية.
وعلى غرار الانتخابات في المملكة المتحدة، تستخدم كندا نظام الأغلبية البسيطة، ويصوت الكنديون لاختيار عضو مجلس النواب عن منطقتهم – المعروفة بالدوائر الانتخابية.
وتتنافس الأحزاب الرئيسية على أغلبية مقاعد مجلس العموم الكندي البالغ عددها 343 مقعدا، حيث يصبح زعيم الحزب الحائز على الأغلبية في البرلمان رئيسا للوزراء.
وإذا لم يحصل أي حزب على أغلبية إجمالية، تُعرف النتيجة ببرلمان معلق أو حكومة أقلية.
مارك كارني – الحزب الليبرالي
انتخب الحزب الليبرالي كارني لتولي منصب زعيم كندا بعد استقالة ترودو، وحصل على 85.9% من أصوات الحزب.
ويُعتبر الرجل البالغ من العمر 60 عاما مبتدئا في السياسة، وليس لديه خبرة سابقة في الحملات الانتخابية، كما أنه لم يخدم في حكومة ترودو.
ولكن ما يفتقر إليه كارني في السياسة، يُعوّضه في المجالين المالي والخدمي العام.
وبصفته رئيسا لبنك كندا، ساعد في قيادة البلاد خلال الأزمة المالية عام 2008، وفي عام 2013، أصبح أيضا أول شخص غير بريطاني يدير بنك إنجلترا، مما ساعد في إدارة آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ومنذ توليه زعامة الليبراليين، حوّل كارني الحزب نحو اليمين، مُعلنا عن تخفيض ضرائب الطبقة المتوسطة، وإلغاء ضريبة الكربون التي كان ترودو يفرضها، وإلغاء زيادة ضريبة أرباح رأس المال – لكنه لا يزال ملتزما بشكل عام بمكافحة تغير المناخ ومعالجة مشاكل أخرى مثل الإسكان.
كما وعد بمواجهة تهديدات التدخل الأجنبي الصيني، واصفا الصين بأنها أكبر تهديد أمني لكندا.
ويجادل المحافظون بأن كارني لن يُحدث تغييرا، إذ إنه محاط بالعديد من الليبراليين الذين خدموا في حكومة ترودو.
ومع ذلك، تُظهر استطلاعات الرأي أن الكنديين يعتقدون أن كارني هو الخيار الأفضل للتفاوض مع ترامب.
وقد فرض كارني رسوما جمركية انتقامية بنسبة 25% على السلع الأمريكية بعد أن فرض الرئيس الأمريكي رسوما جمركية بنسبة 25% على الصادرات الكندية إلى الولايات المتحدة، و10% على صادرات منتجات الطاقة، و25% على منتجات الصلب والألمنيوم.
وقال كارني: “يجب أن نرد بعزم وقوة”.
وقد ساهم رد كارني القوي على عداء ترامب في نمو القومية الكندية.
ويتناقض نمو شعبيته بشكل حاد مع حظوظ منافسه في حزب المحافظين.
بيير بوالييفر – حزب المحافظين
يُعد زعيم حزب المحافظين، بيير بوالييفر، المنافس الرئيسي لـ كارني.
ويقول هذا السياسي المحترف والشعبويٌّ البالغ من العمر 45 عاما، إنه سيضع “كندا أولا”، وقد وصفه كين بوسينكول، المحافظ الذي عمل مع رئيس الوزراء الكندي السابق ستيفن هاربر، بأنه “أحد أكثر فناني التدمير حدة وعدوانية”.
وبعد انتخابه كأصغر عضو في البرلمان الكندي عام 2004، ارتقى بسرعة في المناصب تحت إدارة هاربر بين عامي 2006 و2015، وأصبح زعيما لحزب المحافظين عام 2022.
وكان بوالييفر يبدو على وشك إنهاء عقد من حكم الليبراليين، لكنه عانى من “تأثير ترامب”.
ويُنظر إلى سياساته المحافظة على أنها أكثر انسجاما مع جاره في البيت الأبيض، وهذا ليس بالأمر الجيد في كندا حاليا.
وفي الواقع، أدت رسوم ترامب الجمركية وتهديداته بالضم إلى تراجع تقدم المحافظين بمقدار 25 نقطة.
وعند إطلاق حملته، سعى بواليفير إلى النأي بنفسه عن الإدارة الأمريكية، قائلا إن سياساته، بما في ذلك تخفيضات الضرائب وزيادة إنتاج الموارد، ستُنعش الاستثمار، مما يُساعد كندا على أن تصبح أكثر اعتمادا على الذات وأكثر جهوزية لمواجهة ترامب.
كما يُريد أيضا إلغاء جزء كبير من أجندة الليبراليين بشأن تغير المناخ، وفقا لهيئة الإذاعة الوطنية CBC.
وانتقد كارني منافسه معتبرا إياه يُروج لـ “الانقسام والنزعة الأمريكية” بدلا من حكومة موحدة “تدافع” عن كندا.
ماذا تُشير آخر استطلاعات الرأي؟
حقق الليبراليون تقدما ملحوظا على المحافظين بفارق 5.6 نقاط، لكن استطلاعات الرأي التي أُجريت في 24 أبريل أظهرت تقلصا تدريجيا في تفوقهم مع صمت ترامب بشأن كندا، ويبدو أن الناخبين قد أعادوا التركيز على المخاوف بشأن ارتفاع تكاليف المعيشة.
ووفقا لأحدث استطلاع أجرته هيئة الإذاعة الكندية (CBC)، يحصل الليبراليون على 42.4% من الأصوات، مقابل 38.5% للمحافظين.
وإذا ظهرت نتيجة مماثلة يوم الانتخابات، فسيُحقق الليبراليون فوزا رابعا على التوالي، لكن قد يترك الحزب بأقلية في البرلمان، مما يجعلهم يعتمدون على الأحزاب الصغيرة لتشكيل الحكومة.
“تأثير ترامب”
قال كارني خلال مناظرة القادة: “في هذه الانتخابات، السؤال هو من سيواجه ترامب؟”.
وكان “تأثير ترامب” محوريا في السياسة الكندية منذ فوزه بالقيادة، وسيكون قضية رئيسية عند التصويت في كندا.
وفي استطلاع رأي أجرته قناة CTV News الكندية في بداية مارس، قال 36% من المشاركين إن ترامب هو القضية الأهم التي تؤثر على تصويتهم. يليه الاقتصاد بنسبة 29%.
وصرحت أماندا بيتنر، عالمة النفس السياسي، أن الناخبين يبحثون عن حلول للمشاكل، بالإضافة إلى شخصٍ أكثر ملاءمة لإدارة العلاقة مع إدارة ترامب.
وفي تعليقه على الانتخابات المقبلة بعد إعلانها بوقت قصير، قال ترامب لقناة فوكس نيوز إنه لا يكترث بفوز الليبراليين.
وأشار إلى أن زعيما ليبراليا سيكون “أسهل في التعامل معه”، قبل أن يوجه انتقادا مباشرا لـ بوالييفر، الذي وصفه بأنه “غبي، وليس صديقا لي”.
وقد نأى بوالييفر بنفسه عن ترامب خلال حملته الانتخابية، ومع ذلك، يقول ستيوارت بريست، الأستاذ في جامعة بريتش كولومبيا، إنه محدود في قدرته على النأي بنفسه عن السياسة، إذ إن جزءا من قاعدته الانتخابية يدعم الرئيس الأمريكي.
كما أشاد به إيلون ماسك، الذي لعب دورا محوريا في الأشهر القليلة الأولى من إدارة ترامب.
وفي يناير، وصف ماسك مقابلة أُجريت عام 2023، وظهر فيها بوالييفر وهو يتفوق على صحفي، بأنها “تحفة فنية”.