العالم

السودان: بين الحراك الدبلوماسي الغربي والتغطية الإعلامية الخجولة

بعد اندلاع الحرب في السودان كانت هناك قوى دولية و إقليمية ضاغطة على طرفي النزاع بهدف الجلوس للتفاوض بين الطرفين، و الرجوع إلي الأجندة التي كانت مطروحة قبل 15 إبريل/نيسان 2023، بيد أن التغطية الإعلامية الغربية للأحداث في السودان تُعتبر خجولةً مقارنةً بالتغطية التي توليها للصراع في أوكرانيا.

 

وإن كان من الإجحاف المقارنة بين الحربين التي تدور رحاها في السودان وأوكرانيا، فلكل منها خاصيتها وأهميتها الجيوسياسية، ومصالحها الدولية، و بالرغم من توالي المبادرات الدبلوماسية والتصريحات السياسية الخاصة بالحرب الأهلية السودانية التي قد تأتي على الأخضر واليابس في البلاد، إلا أن تجاهل المنابر لإعلامية الدولية، والغربية تحديداً، في تغطية الصراع الدائر في السودان مقارنةً بما يحدث في أوكرانيا، يُعتبر أمراً مثيراً للشكوك إذ تتحمل قوى إقليمية ودولية المسؤولية ولو بشكل جزئي، حيث يتحالف كل منها مع أحد طرفي النزاع.

 

 

في حين لا يبدو أن الطرفين المتصارعين (الجيش وقوات الدعم السريع) في موقف ميداني يدفعهما لوقف جدي لإطلاق النار والجلوس على طاولة مفاوضات ذات مصداقية تُجنب البلاد كارثة مرتقبة، على الرغم من إشراف الولايات المتحدة والسعودية على محاولات الهدنة المتكررة إذ تلعبان دور الوساطة بين الطرفين.

 

حيث اعتبرت صحيفة “تاغس آنتسايغر” السويسرية الناطقة بالألمانية، أن الحرب الدائرة رحاها في السودان كارثة بتداعيات لا تقل خطورة على ما يحدث في أوكرانيا، وتحديداً بعد امتداد نيران الحرب إلى دارفور، مشيرةً إلى أن الغرب يقلل بشكل كبير من شأن هذا الصراع، الذي قتل في الماضي 300.000 شخص، حيث يتعرض الناس هناك للاضطهاد والقتل لمجرد أنهم ينتمون إلى جماعة عرقية معينة”. مشيرة إلى وجود مئات الآلاف الذين يكافحون من أجل البقاء،.

 

في حين اعتبرت صحيفة “تاتس” اليسارية الألمانية أن زمن التدخلات العسكرية الغربية عفا عليها الزمن، منتقدةً التعامل الغربي في إجلاء الأجانب البيض، وتجاهل شعب السودان الذي يحتاج أيضاً إلى الإنقاذ.

وأوضحت الصحيفة أن اهتمام السياسة الأمنية للغرب مركزة بالكامل على أوكرانيا، مطالبةً بفتح ممرات حماية حتى يتمكن الهاربون من إيجاد طريقهم إلى تشاد دون أن يتم البطش بهم عرقياً من قبل الميليشيات عند حواجز الطرق.

 

 

الغرب يدعم “الأشخاص الخطأ”

 

لم تنجح جهود الدبلوماسية الغربية في إخماد نيران الحرب، وهذا مادفع صحيفة “فرانكفورته روندشاو” الألمانية إلى انتقاد السياسة التي اتبعها الغرب في السودان، معتبرةً أنه دعم “الأشخاص الخطأ”.

وكتبت الصحيفة “بدلاً من الاحتفال بميلاد دولة ديمقراطية في ملتقى النيلين الأزرق والأبيض، فإن العاصمة السودانية مهددة بالإبادة”.

 

مؤتمر جنيف للمساعدات – ألمانيا في مقدمة المانحين

 

أعلنت المانيا عن تعهدها بمنح ما لا يقل عن مئتي مليون يورو من المساعدات الإنسانية للسودان والمنطقة حتى عام 2024، وجاء ذلك على لسان وزيرة الدولة الألمانية للشؤون الخارجية “كاتيا كول” خلال مؤتمر إعلان التبرعات للسودان والمنطقة الذي نظمته الأمم المتحدة وألمانيا والسعودية وقطر ومصر في جنيف.

 

فيما حذر الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” من أن “يتحول السودان بسرعة إلى مكان للفوضى بدون دعم دولي قوي، مما يؤدي لانعدام الأمن في أنحاء المنطقة”.

 

في حين تقدر المنظمة الأممية أن جهود الإغاثة الإنسانية داخل السودان، بالإضافة إلى النازحين الفارين خارج البلاد، تحتاج لنحو ثلاثة مليارات دولار هذا العام، موضحةً أن مؤتمر جنيف لم يتمكن من جمع سوى جزء بسيط من هذا المبلغ.

وذكرت وكالات الأمم المتحدة المختلفة أن في خضم التداعيات الكارثية للصراع في السودان، يوجد ما لا يقل عن 25 مليون شخص  في حاجة إلى مساعدة إنسانية في السودان وأن أربعة ملايين طفل وأمهات حوامل أو مرضعات يعانون من سوء تغذية حاد.

 

ووجه موقع “لايف بي إير” الإعلامي الألماني نداء لمنظمة “وورلد فيزن” الدولية لمساعدة الأطفال، داعياً الرأي العام العالمي بالاهتمام بما يقع في السودان على غرار الاهتمام الذي حظي به تمرد مجموعة “فاغنر” الروسية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!