أخبار

لماذا لا تزال كندا بحاجة إلى المهاجرين على الرغم من ارتفاع معدلات البطالة ؟

اخبار كندا – من المتوقع أن يتقاعد أكثر من تسعة ملايين موظفاً، والذين تتراوح مواليدهم بين عامي 1946 و1964، على مدى العقد المقبل، مما سيخلق نقصاً واضحاً في اليد العاملة، والذي سيؤدي بدوره في حال لم يتم إصلاحه إلى رفع تكاليف الرعاية الصحية، وانخفاض أجور التقاعد، كما سيؤثر بشكل سلبي على النمو الاقتصادي للبلاد.
انطلاقاً من ذلك، وقبيل فترة تفشي وباء كورونا في شهر مارس، اقترح وزير الهجرة واللاجئين والمواطنة، ماركو مينديسينو، خطة لمواجهة مشكلة كندا الديموغرافية التي تلوح في الأفق.
في هذا السياق أشار مينديسينو إلى أهمية السماح بقدوم حوالي مليون مقيماً دائماً إلى كندا بحلول نهاية عام 2020، وتعتبر هذه الزيادة طفيفة، لكنها على الرغم من ذلك ترفع مستوى الهجرة السنوية من 0.9 إلى 1 في المائة.
وذكر مينديسينو في مؤتمره الصحفي أن الترحيب بالمزيد من الوافدين للعمل في كندا، سيدفع النمو الاقتصادي للبلاد وسيساعد أصحاب الأعمال على الوصول إلى الخبرات التي يحتاجون إليها ليزدهر عملهم.
لكن في غضون أيام قليلة، أغلقت السفارات والقنصليات الأجنبية في جميع أنحاء البلاد بسبب وباء كورونا، وسرعان ما أغلقت كندا حدودها أمام السفر غير الضروري، مما وضع علامة استفهام كبيرة على خطة مينديسينو.

وفي الواقع فإن وضع وباء كورونا في البلاد سيكون له تداعيات على الاقتصاد لعقود، وذلك وفقاً للمحللين، حيث قال أندرو أجوبسوفيتش، وهو أحد كبار الاقتصاديين في بنك الاستثمار العالمي RBC Capital Markets : ” إن إغلاق الحدود أمام المهاجرين لمزيد من الوقت، قد يؤخر ازدهار الاقتصاد في البلاد حتى 10 سنوات من الآن”.
جدير بالذكر أن سوق العقارات وتكاليف الرعاية الصحية وميزانيات الجامعة، تعتمد جميعها بطريقة أو بأخرى على الهجرة، ويعتمد تأثر هذه القطاعات وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى على المدة التي سيمنع فيها الوباء التدفق الطبيعي للهجرة من الحدوث.
وبحسب ما قاله أجوبسوفيتش فإنه ومن دون الأيدي العاملة للمهاجرين، فإن البلاد ستصبح من الدول المتأخرة اقتصادياً، لذا يجب التفكير في كيفية إعادة تشغيل نظام الهجرة في كندا بأسرع وقت ممكن.
وعلى الرغم من ارتفاع معدل البطالة في البلاد والذي بلغ حالياً 13.7 في المائة إلا أن أجوبسوفيتش لا يشعر بالقلق بشأن وجود القليل من الوظائف والكثير من الأشخاص، نظراً لأن التركيبة الديموغرافية للبلاد، وبوجود عدد كبير من المسنين الذين سيتقاعدون قريباً، تعني أن عدد الوظائف على المدى الطويل سيتجاوز عدد الموظفين ما لم يكن هناك هجرة.
وفي تقرير صدر في شهر مايو، أشار أجوبسوفيتش إلى أن الهجرة دعمت المحرك الاقتصادي في كندا، حيث زاد الناتج المحلي الإجمالي في المدن الكبرى بمعدل أسرع من المتوسط الوطني، ومن دون الهجرة لانخفض عدد سكان تورنتو ومونتريال وفانكوفر في عام 2019.
حيث ازداد النمو السكاني في كندا في عام 2019 بنحو 580 ألف شخصاً، و80 في المائة من هذا النمو حدث من خلال الهجرة، مما ساعد على تعويض الديموغرافيا الطبيعية في البلاد، ولولا الهجرة على مدى السنوات ال 15 الماضية لكانت كندا ستشيخ كما حدث في اليابان خلال فترة التسعينات.
والآن إن بقي معدل الهجرة كما هو حتى شهر أغسطس، فإن الهجرة المتوقعة إلى كندا في عام 2020 ستنخفض بنحو 170 ألفاً.
وبالنسبة لما سيحدث بعد أغسطس، فلا يزال غير واضح بعد، لكن وفقاً للسياسة الرسمية في البلاد سيسمح للأشخاص الذين حصلوا على إقامة دائمة حتى 8 مارس بدخول البلاد، وبغض النظر عن هذه السياسة لا أحد يعرف متى ستعود الهجرة إلى مستويات ما قبل الوباء.
بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لتقرير RBC فإن قطاع الزراعة على سبيل المثال يتم تشغيله إلى حد كبير بواسطة القوى العاملة الأجنبية، ولكن عدد العمال الزراعيين القادمين من الدول الأجنبية انخفض بنسبة 45 في المائة في شهر مارس.
وكان هذا الانخفاض على الرغم من إعفاء الحكومة الفيدرالية لهؤلاء العمال من قيود الدخول، وعلى الرغم من تقديمها 1500 دولاراً للمساعدة في تعويض تكلفة الحجر الصحي المطلوب لهؤلاء العمال.

كذلك تواجه الجامعات انخفاضاً محتملاً في التمويل مع إغلاق الحدود، نظراً لأن الطلاب الأجانب يدفعون في المتوسط ثلاثة أضعاف الرسوم التي يدفعها الطلاب المحليون.
ففي جامعة تورنتو مثلاً، يشكل الطلاب الدوليون 25 في المائة من الطلاب، وإذا قرر 20 في المائة منهم عدم الدراسة في كندا هذا العام، فقد تشهد الجامعة عجزاً في التمويل يقدر بقيمة 200 مليون دولاراً من الميزانية التي تبلغ 3 مليار دولاراً.
بالإضافة إلى ذلك فإن أي انخفاض في عدد الطلاب سيكون له تأثيرات قاسية، بما في ذلك على سوق الإيجارات.
إلى جانب ذلك، أشار تقرير إحصائي كندي نشر في 9 يونيو، إلى أن الشركات التي يديرها المهاجرون أو يعملون بها، كانت تقوم بتنفيذ أفكار جديدة وتبتكر منتجات أكثر من الشركات التي يديرها الكندييون بنسبة 8.6 في المائة.
لكن وعلى الرغم من ذلك، ففي حين أن عدداً أقل من الناس قد يهاجرون إلى كندا خلال الوباء، إلا أن عدداً أقل من الأشخاص يغادرون البلاد، وقد يعود المزيد من الكنديين الذين يعيشون حالياً في الخارج.
انطلاقاً من ذلك، قال بينجامين تال، وهو نائب كبير الاقتصاديين في البنك التجاري الدولي CIBC Capital Markets: ” من الواضح إنه يوجد سلبيات لموضوع إغلاق الحدود أكثر من الإيجابيات، لكن هناك قوى عاملة معادلة تعيش في كندا لا أعتقد أن الناس يتحدثون عنها”.
وأشار تال إلى أن حوالي 100 ألف كندياً يغادرون البلاد كل عام، حيث يعمل بعضهم في الولايات المتحدة بأجور أعلى منها في كندا، وهذا يؤثر على كندا كجزء من هجرة الأدمغة.
وأشار تال إلى أن فترة الوباء قد تحد من هجرة الأدمغة، كما قد تتسبب في عودة حوالي 3.5 مليون كندياً إلى البلاد، الأمر الذي سيعوض فترة التوقف عن الهجرة التي تشهدها البلاد.
مع ذلك أكد تال أن عدم وجود المهاجرين الجدد والمقيمين غير الدائمين سيؤدي إلى عواقب فورية على سوق الإيجارات، الذي سيشهد انخفاضاً في الطلب على المساكن بغياب المهاجرين، وبشكل عام سيكون هناك انخفاضاً على السلع والخدمات في البلاد.
أخيراً، يتوقع بيدرو أنتونيس، وهو كبير الاقتصاديين في مجلس المؤتمرات الكندي، أن مستويات الهجرة ستبقى منخفضة حتى نهاية العام المقبل على الأقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!