الحياة في كنداصحة

تقرير: نظام الرعاية الصحية في كندا.. واقع سيئ ومستقبل مجهول

هل ضعف التمويل ونقص الكوادر المهنية وراء تراجع الخدمات الصحية المقدمة للكنديين

يعتبر الكنديون أن الحصول على الخدمات الصحية التي تمولها الدولة الكندية أمراً بديهياً خاصة وأن تأمين الرعاية الصحية الوطنية يضمن حصول جميع المواطنين على الرعاية الصحية أينما كانوا في أنحاء البلاد.

وبحسب إحصائيات سابقة فإن جزءاً كبيراً من هذا التمويل يذهب في الغالب نحو الخدمات غير المغطاة أو المغطاة جزئيًا من قبل الرعاية الطبية، مثل وصفات الأدوية وعلاج الأسنان وتصحيح البصر، إذ أن ما يقرب من 65-75% من الكنديين يمتلكون شكلًا من أشكال التأمين الصحي التكميلي بينما يتلقى الكثيرون ذلك من خلال أرباب العمل أو عن طريق برامج الخدمات الاجتماعية المختلفة المقدمة لفئة ضعيفة من المجتمع الكندي مثل كبار السن والقاصرين وذوي الإعاقات.

أين أصبح النظام الصحي الكندي هذه الفترة؟

بحسب تقرير نشره الصندوق الفيدرالي (Commonwealth Fund) فقد جاء “النظام الصحي الكندي” في المرتبة قبل الأخيرة لأفضل 11 دولة في العالم، على الرغم من أنها بين البلدان ذات الدخل المرتفع.

وتناول التقرير الأنظمة والإجراءات الصحية الرئيسية، التي تشمل المساواة، والحصول على الرعاية، والقدرة على تحمل التكاليف، ونتائج الرعاية الصحية، والكفاءة الإدارية، لـ 11 دولة في العالم ذات دخل مرتفع من بينها كندا التي صنفها التقرير ضمن مجموعة البلدان ذات الرعاية الصحية الأقل درجة مقارنة بالبلدان الأخرى.

تصنيف كندا

أشار التقرير إلى أن كندا، ورغم تحقيقها لعوائد مالية أكبر مقارنة بالدول الأخرى، إلا أنها حلت في المرتبة العاشرة من حيث الإنصاف ومستوى الرعاية الصحية لما يواجه المواطن الكندي من مصاعب مرتبطة بالعوائق المالية للوصول إلى الرعاية الطبية ورعاية الأسنان، وأعباء الفواتير الطبية، وصعوبة الحصول على الرعاية بعد ساعات العمل، واستخدام بوابات الويب لتسهيل مشاركة المريض.

توفير التمويل يعزز نظام الرعاية الصحيّة في البلاد

وكالة الصحّة العامّة في تقريرها السنويّ أوصت الحكومة الكنديّة بِأخذ العبَر من جائحة كوفيد-19 وتأمين تمويل ثابت ومستقرّ لنفقات الصحّة العامّة.

وكانت هذه واحدة من التوصيات التي رفعتها مديرة وكالة الصحّة العامّة د. تيريزا تام في التقرير الذي قدّمه وزير الصحّة الفدرالي جان إيف دوكلو في جلسة مجلس العموم الكندي.

وأوصى التقرير بتعزيز نظام الطبابة والاستشفاء في البلاد، كي يكون جاهزا للقضايا الطارئة، على غرار تداعيات التغيّر المناخي وأزمة أشباه الأفيونيّات وتدهور الصحّة النفسيّة.

واعتبر التقرير أنّ جائحة فيروس كورونا المستجدّ كانت بمثابة إنذار، ما يعني أنّ كندا لم تكن مستعدّة لِمواجهة أزمة بهذه الضخامة كما قالت د. تيريزا تام في مؤتمر صحفي.

ولم يعد من الممكن حسب قول د. تام، تجاهل الأصوات الداعية إلى التغيير، وثمّة مؤشّرات طارئة تُظهر ضرورة الإسراع في التحرّك.

وأعربت مديرة وكالة الصحّة العامّة عن أسفها لأنّ الحكومات الكنديّة المتعاقبة غالبا ما كانت تقلّص التمويل المخصّص للنظام الصحّي بعد انتهاء الحالات الطارئة.

ومن جانبه نائب مديرة وكالة الصحّة العامّة الكنديّة هوارد إنجو قالت إنّنا نحتاج إلى تغيير الثقافة، وقد يشكّل حدوث جائحة مرّة كلّ مئة سنة حافزا كي تتوفّر الإرادة السياسيّة الضروريّة لإحداث التغيير.

توظيف الكوادر المهنية الصحّية ذات مهارات عالية

دعت الدكتورة تام مديرة وكالة الصحّة العامّة في تقريرها إلى تعزيز الجهود من أجل توظيف الجيل المقبل من مهنيّي الصحّة، كي تتوفّر لدى نظام الصحّة يد عاملة ذات مهارات عالية.

وشدد التقرير على ضرورة تحسين الآليّات التي يتبعها النظام الصحي، وأقرّ بوجود ثغرات كبيرة فيما يخصّ أنظمة البيانات والمراقبة.

وأعلنت الحكومة الفدرالية نهايية شهر يونيو الماضي أنها ستستخدم نظام الهجرة الكندي لتوظيف المزيد من العاملين في مجال الرعاية الصحية وهم من الذين يكثر عليهم الطلب في كندا التي تواجه نقصاً حاداً في بعض المهنيين في هذا المجال، مثل أطباء الأُسرة.

وكشف وزير الهجرة واللاجئين والمواطَنة شون فرايزر عن بوابة ’’دخول سريع‘‘ للمهنيين الصحيين في برنامج الهجرة الاقتصادية، وإنّ إشعاراً سيتم إرساله إلى 500 عامل صحي أجنبي يدعوهم لتقديم طلب للحصول على إقامة دائمة في كندا. وسيحصل 1.500 عامل آخر على دعوة خلال الأسابيع القليلة المقبل.

وتشمل الدعوات أطباء وممرضات وأطباء أسنان وصيادلة وأخصائيي علاج فيزيائي وأخصائيي بصريات أجانب كجزء من جهود الحكومة الفدرالية لمعالجة أزمة الرعاية الصحية التي تعود بنسبة كبيرة إلى نقص في الموظفين.

واشار الوزير فرايزر إنه بين عاميْ 2017 و2022 استقبلت كندا حوالي 21.000 عامل في مجال الرعاية الصحية، بمعدَّل يزيد قليلاً عن 4.000 عامل سنوياً. وأضاف أنّ الهدف الآن هو استقدام حوالي 8.000 عامل رعاية صحية من الخارج سنوياً.

ووفقاً لبحث أجرته مؤسسة ’’أنغوس ريد‘‘ المتخصصة في استطلاعات الرأي وعمليات المسحح، فإن الوضع صعب فعلاً. فهناك نحو ستة ملايين كندي ليس لديهم طبيب أُسرة، إلى جانب النقص الكبير في أعداد الأطباء في مختلف التخصصات.

وكذلك تتوقع البيانات الفدرالية أن يصبح النقص في عدد الأطباء أكثر حدة خلال خمس سنوات فقط. وأن كندا ستفتقر عام 2028 إلى حوالي 44.000 طبيب، من بينهم أكثر من 30.000 طبيب أُسرة وممارس للطب العام.

من جهته وزير الصحة الكندي جان إيف دوكلو قال’’ لا يوجد قطاعٌ في كندا يعاني من النقصُ في اليد العاملة أكثر من قطاع الرعاية الصحية‘‘،

’’واعتبر الوزير دوكلو ان برنامج الهجرة الاقتصادية إعلان اليوم سيُسهِّل طلبات الإقامة الدائمة ويسرِّعها ويبسِّطها، وسيساعد في تحسين جهود توظيف القوى العاملة الصحية من خلال جلب المزيد من المهنيين الصحيين المؤهَّلين إلى كندا.

وفي حين أنّ الحكومة الفدرالية ملتزمة باستقدام المزيد من المهاجرين العاملين في مجال الرعاية الصحية، إلّا أنّ هذه العملية لا تشكل علاجاً لكلّ ما يعاني منه النظام الصحي في البلاد.

وكاستجابة للدعوات والمطالبات بتحسين مستوى الرعاية الصحية في كندا، أعلن رئيس الوزراء جاستن ترودو عن تمويلاً جديداً لإصلاح النظام الصحي في البلاد، في ظل تدني مستوى الخدمات الصحية في كندا، وطلب من رؤساء وزراء المقاطعات والأقاليم دراسة هذه الأوضاع ومناقشة كيفية استخدام التمويل الجديد الذي بلغت قيمته 46 مليار دولار لإجراء الإصلاحات على برامج الرعاية الصحية العامة في كندا.

وأخيراً ، يتطلع المواطن الكندي الذي ينتظر ساعات طويلة في المشافي ، لأن يحظى بالخدمات والرعاية الصحية التي يحتاجها ويعتبرها أحد أهم حقوقه مثل بقية شعوب الدول المتقدمة التي تولي صحة مواطنيها جل اهتمامها.

اقرأ أيضًا: كندا: توفيت بعد الانتظار لساعات في غرفة الطوارئ.. وزوجها يروي المأساة التي تعرضوا لها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!