أخبارعقارات

هجرة جماعية من أغلى مقاطعات كندا يدفع الكثيرين إلى غرس “جذور جديدة”

بالرغم من تراجع أسعار المساكن في أجزاء كثيرة من كندا العام الماضي، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة وازدياد مقدار التضخم، أبعد العديد من الباحثين عن المنازل عن أسواق الإسكان في مراكز المقاطعات.

كما ساعد تخفيف القيود الوبائية واتفاقيات العمل عن بُعد، في وضع العديد من سكان أونتاريو في الإطار الصحيح لتغيير المشهد السكني بحثاً عن فرص عقارية تتناسب مع مقدراتهم المالية.

وفي هذا المقال من Global News سنبحث في كيفية تغيير أنماط الهجرة وتحديات القدرة على تحمل التكاليف المعيشية في المجتمعات في جميع أنحاء كندا منذ وباء كورونا.

بعد سنوات من عدم قدرة عائلة سوزي هانسن وتايلر براون على شراء منزل، واكتفائهم باستئجار منزل ريفي في أوكفيل التابعة لأونتاريو، طرحت هانسن فكرة الانتقال إلى ألبرتا على زوجها.

تقول هانس: “كان كل شيء يجذبنا إلى ألبرتا، ابتداءً من  حملة الإعلانات التي تتضمن عبارات ” ألبرتا تنادي”،”اعثر على أشياء لا تتوقعها أبداً، مثل منزل ميسور التكلفة” وهي مبادرة من حكومة ألبرتا أطلقتها الخريف الماضي، تروج لفرص عمل ممتازة ومساكن منخفضة التكلفة بالنسبة لأسعار المساكن بين تورنتو وكالجاري”.

بعد فترة من التفكير انتقلت الأسرة المكونة من ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 15 و 12 و 2 ، إلى قرية صغيرة في ألبرتا على بعد ساعتين غرب إدمونتون حيث تمكنوا على الفور من شراء منزل منفصل.

بالنسبة لهانسن كان التغيير شيئاً روتينياً نظراً لكونه جاء في الأصل إلى كندا من لوس أنجلوس بسبب أسعار المساكن الباهظة في كاليفورنيا.

هانسن وبراون ليسا الكنديين الوحيدين الذين اتخذا قراراً بالعثور على منزل ذي مساحة واسعة ومراعي أكثر خضرة وأسعار معقولة في مقاطعة أخرى في السنوات التي تلت ظهور جائحة COVID-19.

القدرة على تحمل تكاليف السكن هي “جوهر” الهجرة بين المقاطعات

المقدرة المالية تعيد تشكيل المجتمعات في جميع أنحاء كندا، فقد أظهرت بيانات هيئة الإحصاء الكندية أن حجم الهجرة بين المقاطعات قد تضاءل في عام 2020، العام الأول لوباء COVID-19، قبل أن يتسارع في عام 2021 وينفجر في الربع الثاني من العام الماضي.

وشهدت ألبرتا ارتفاعاً هائلاً في عدد المهاجرين من بريتيش كولومبيا وأونتاريو، كما استقبلت المقاطعات البحرية لنوفا سكوشا ونيو برونزويك تدفقاً ثابتاً من المهاجرين بين المقاطعات، ولا سيما من أونتاريو.

و أشارت “كورين ليال” سمسارة عقارات أن الطلب من خارج المقاطعة هو ما يدعم نشاط المبيعات في كالجاري، أحد أهم أسواق الإسكان الكندية التي أظهرت أكبر قدر من المرونة حتى الآن وسط التصحيح المستمر المرتبط بارتفاع أسعار الفائدة، فما يقرب من 30% من عملائها هم من عائلات من خارج ألبرتا، وخاصة من كولومبيا البريطانية وأونتاريو.

العائلات التي تستأجر شققاً في الطابق السفلي في فانكوفر وجدت أنها قادرة على تحمل تكاليف منازل منفصلة في ألبرتا بمبلغ 650 ألف دولار مع نفس الرواتب أو أفضل مما كانت عليه في كولومبيا البريطانية، كما تعزز فرص العمل الجيدة والجديدة الرغبة بالهجرة، بالإضافة للقدرة على تحمل التكاليف.

وسجلت تدفقات السكان بين المقاطعات أرقاماً قياسية في عامي 2021 و 2022 خصوصاً الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاماً.

يقول مارك ديسورمو الاقتصادي الرئيسي للاقتصاد الكندي في ديجاردان لـ Global News إن تدفق الأشخاص من أونتاريو “غير مسبوق في هذه المرحلة”.

أسعار المساكن المرتفعة تؤثر على المستأجرين والمشترين في جميع أنحاء كندا

تبلغ نسبة أسعار المساكن على الدخل حوالي عشرة أضعاف في أسواق مثل كندا الأطلسية وألبرتا، وفقاً لتحليل ديجاردان لأرقام عام 2022، أما في أونتاريو وبريتيش كولومبيا فقد كانت النسبة أعلى بكثير.

في حين أن بريتيش كولومبيا كانت تاريخياً وجهة جذابة للكنديين المهاجرين المتجهين غرباً، فإن إجمالي المهاجرين الصافي بين المقاطعات في المقاطعة لمدة 12 شهراً أصبح سلبياً للمرة الأولى منذ 10 سنوات.

في حين فقدت كل من مانيتوبا وساسكاتشوان وكيبيك الكثير من سكانها لصالح ألبرتا في العام الماضي، وذلك بسبب عروض العمل المغرية التي تبدأ من10 دولارات إلى 15 دولاراً في الساعة مع كل عرض عمل وحزم نقل رائعة ومزايا ومكافآت بالإضافة لانخفاض تكلفة الإسكان بشكل كبير.

يقول ديسورمو: “عندما تصل إلى جوهر الأمر، فإن الأمر يتعلق بالقدرة على تحمل التكاليف”.

التحولات التي تحركها الأوبئة

بعد انتشار وباء كورونا فضلت الكثير من الأسر الابتعاد عن مراكز المدن، خصوصاً أن العديد باتوا يفضلون النزهات في الهواء الطلق مع أسرهم بدلاً من الحياة الليلية.

يقول ديسورمو إن التغييرات الأخرى المرتبطة بالوباء تؤدي أيضاً إلى تحقيق مكاسب لألبرتا وكندا الأطلسية، خصوصاً مع فرص العمل عن بعد التي جعلت الشباب قادرين على العمل في مجتمعات نائية وبأسعار معقولة في البراري والساحل الشرقي، بدلاً من الاضطرار إلى التجمع حول مدينة كبيرة والانتقال إلى المكتب.

كيف يمكن للعمل عن بعد أن يقسم الكنديين؟

يقول ديسورمو إن القدرة على جذب الشباب هي وقود طويل الأمد لاقتصادات ألبرتا وغيرها من المقاطعات ذات الأسعار المعقولة.

يميل الكنديون من الجيل Z إلى أن يكونوا رواد أعمال وذكيين من الناحية المالية، مما سيساعد في دفع الإنتاجية و الرخاء على المدى الطويل للمقاطعات.

في حين إن عدم القدرة على التمسك بالشباب لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف المعيشة في سوق الإسكان في المقاطعة سيكون نقطة خسارة كبيرة لأونتاريو وكولومبيا.

يقول ديسورمو: “عندما تصبح المدن باهظة الثمن، فإنها تفقد قدرتها على جذب بعض من هؤلاء الشباب، وبعض مكاسب الإنتاجية على المدى الطويل، وهذا يمثل تحديا للأماكن التي تتعامل مع مشكلات كبيرة تتعلق بالقدرة على تحمل التكاليف.”

إن شيخوخة السكان في كندا وتباطؤ معدل المواليد يعني أن الاقتصاد يعتمد بشكل متزايد على الهجرة للنمو، مما يجعل اليوم أحد أسوأ الأوقات التي تخسر فيها المقاطعات الشباب.

تقول راشيل باتاغليا، الخبيرة الاقتصادية في RBC،: “تعد المدن الكبيرة نقطة جذب للقادمين الجدد الدوليين المهرة، وتعتبر تورونتو واحدة من أكثر المدن تنوعا في العالم، ويوافق باتاغليا على أنه على المدى القريب، فإن تدفق الوافدين الجدد إلى كندا يعوض معظم الخسائر الناجمة عن هجرة الشباب.

وتضيف أن “القلق المتزايد” في أسواق المدن الكبرى هو في القدرة على تحمل التكاليف المستمرة يمكن أن تجعل المهاجرين من خارج حدود كندا يتجذرون بشكل متزايد خارج المدينة الكبيرة.

إلى متى يمكن أن تبقى ألبرتا والأسواق الأخرى في متناول الجميع؟

إن شراء منزل يمنح الكثيرين شعوراً “بالأمان” خصوصاً أن سوق الإسكان مشتعل في كندا على مدى السنوات القليلة الماضية، وفي حال استمرار هذا الغلاء غير المعقول فمن المتوقع بقاء الكثيرين مستقبلاً بدون منزل.

سوق الإسكان الساخن في كالجاري

بينما كانت أسعار المساكن في ارتفاع في كالجاري هذا الشهر،  أصبحت سمعة المدينة كوجهة ميسورة التكلفة ليست في خطر مقارنة بأسواق الإسكان في المقاطعات الأخرى.

ولكن المشكلة التي تلوح في الأفق هي مشكلة مألوفة في جميع أنحاء البلاد “نقص المعروض من المساكن لاستيعاب الطلب المتزايد”.

تقول ليال: “التحدي هو أننا لا نملك المنتج لدعمهم، فالبنية التحتية ليست موجودة”.

يتعين على صانعي السياسات تسريع وتيرة البناء الآن لاستيعاب العدد المتزايد من العائلات.

وبالنظر إلى ارتفاع أسعار المساكن بين ألبرتا وأمثال أونتاريو وكولومبيا البريطانية، يقول ديسورمو إنه من غير المحتمل أن تفقد المقاطعة سمعتها ذات الأسعار المعقولة في أي وقت قريبًا.

لكنه يجادل بأن الاستراتيجية التي تتضمن تحفيز الطلب لا يمكن أن تكون ناجحة على المدى الطويل إلا إذا قوبلت بزيادة متساوية في العرض.

أما باتاغليا فقالت أن على أن القدرة على تحمل تكاليف الإسكان لا تزال قائمة في ألبرتا، لكنه يقول إن هناك دلائل مبكرة على أن المقاطعات البحرية – التي كانت نقطة ساخنة في وقت سابق للهجرة بين المقاطعات – تشهد احتدام المنافسة في سوق الإسكان.

حتى إذا انتهى الأمر بالمشترين إلى الخروج بشكل متزايد من أسواق ألبرتا ، فإن باتاغليا يسلط الضوء على وينيبيج ، وسانت جونز ، وإن إل ، وساسكاتون وريجينا باعتبارها عدداً قليلاً من المدن التي تحمل شعلة القدرة على تحمل التكاليف.

ومع ذلك، تبرز الحاجة إلى زيادة المعروض من المساكن بسرعة كي لا تصبح مصدر قلق وطني في ضوء بحث الكنديين لإيجاد حياة ميسورة التكلفة.

اقرأ أيضاً:

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!